ترجمة: علاء خالد غزالةيعمل فريق من المهندسين والعمال الصينيين في شركة الواحة النفطية، وقد لوثت بقع من الزيت بدلاتهم البرتقالية، بالتعاون مع نظرائهم العراقيين تحت الشمس الحارقة من اجل تحضير الارض الجرداء في جنوب شرقي بغداد للبنية التحتية اللازمة لاستخلاص ونقل السائل اللزج الذي يقبع فيه مستقبل العراق: النفط.
ينتصب علم احمر عند مدخل الشركة، وهو الفرع العراقي للشركة المملوكة للحكومة الصينية، والمسماة (المجموعة الصينية الوطنية للبترول)، ويَعد ممثلوها من الصينيين كل من يتمكن من استطلاع وجوههم: "سوف نحاول بكل ما اوتينا من قوة من اجل انجاح المشروع."بات هناك شعور عام متزايد في عراق ما بعد الحرب يتجاوز التأمل في الكيفية التي تدفع بها تلك البلاد التي تمتلك ثالث اكبر احتياطي نفطي معروف في العالم من اجل رفع إنتاجها، انه أيضا شهادة على المدى الذي تصل اليه الصين لتأمين النفط الذي تمس حاجتها اليه لتغذية اقتصادها المتسارع في الوقت الذي لا يسد انتاجها من النفط الخام سوى جزء بسيط من الطلب عليه.تقول امريتا سَن، المحللة النفطية لبنك باركليز كابيتول العالمي: "الأمن النفطي بالنسبة للصين، غالبا ما يكون بتجنب انقطاع التجهيز وتخفيف آثار التقلبات الشديدة في اسعار النفط ، لقد أضحى العراق هدفا واضحا لتأمين براميل النفط من اجل الاستهلاك المستقبلي."وتبرز الصين اليوم على انها اكبر المستفيدين اقتصاديا من العراق عام 2003، وهي التي كانت اكثر منتقدي الحرب صراحة، وذلك بعد ان اقتنصت خمسة عقود سخية. ففي حين سَكنتْ اهتمامات الشركات الغربية في مزادات النفط العراقية الاخيرة الى حد كبير، حصلت الصين على ثلاثة عقود، غير مبالية بالمخاطر الامنية وعدم الاستقرار السياسي في البلد من اجل النفط الواعد.لقد ترك السباق من اجل الحصول على النفط اثراً بارزاً لخطى الصين في عدد من البلدان التي بدأ غيرها في التواري عنها، سواء بسبب العنف، ام خرقها لحقوق الانسان، ام لفرض العقوبات عليها.وبنظرة اكثر شمولا الى منطقة الشرق الاوسط نجد ان الصين قد ساعدت السودان في توسيع صناعتها النفطية، وهي الامة التي يرأسها رجل مطلوب للقضاء الدولي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كما انها وقعّت صفقات مع ايران، التي تواجه حكومتها المتشددة عقوبات دولية للمرة الرابعة بسبب الجدل بشأن برنامجها النووي. ونتيجة لهذه الجهود فان نصف النفط الذي تستهلكه الصين يأتي من هذه المنطقة، كما انها تفوقت على الولايات المتحدة في تعاملها مع كبرى بلدان منظمة الاوبك، المملكة العربية السعودية، حتى اضحت الصين اكبر مستوردي النفط من تلك الدولة. يذكر ان السعودية قامت بانشاء منشأة مشتركة كبرى لتكرير النفط في الصين. لكن العراق، على كل حال، يجسد افضل آمال بكين في عالم تتزايد فيه صعوبة الحصول على مصادر للنفط الخام الرخيص يعتمد عليها، وبينما يحمل التعامل مع ايران بين طياته عواقب سياسية للصين، فان العراق يمثل مخاطرة محسوبة.إن تطبيق العقوبات على ايران يحد من الاستثمار في تلك البلاد الى حد كبير، ويمنع الشركات الغربية الكبرى من متابعة المشاريع هناك بفاعلية، وقد تؤدي جولة جديدة من العقوبات التي تنظر فيها الامم المتحدة الى توسيع هذه المحددات، ومع ذلك، فان ايران هي ثالث اكبر مورد نفطي للصين.يقول صامويل سيزوك، المحلل النفطي في كلوبل انسايت ميد ايست: "العراق في غاية الاهمية لستراتيجة نمو الشركات الصينية، خصوصا مع ترجيح ان تواجه ايران حالة الجمود لسنوات مقبلة."ينتج العراق، هذا البلد الذي عانى من سنوات من الاهمال والحرب والتخريب وقلة الاستثمار، قرابة 2.4 مليون برميل يوميا، وهو يقل كثيرا عن مستويات الانتاج في فترة ما قبل الغزو عام 2003، لكن المسؤولين العراقيين يقولون ان العقود التي احيلت اثناء مزادين لاستثمار حقول النفط والغاز اجريا في العام الماضي يُتوقع ان ترفع الانتاج الى اثني عشر مليون برميل في اليوم خلال مدة سبع سنين، على ان المحللين يقولون ان هذه التقديرات طموحة جدا،وعلى أية حال، فان الانتاج سوف يزيد، وسوف تلعب الصين دوراً فيه وتجني ثمار ذلك.وبينما تشترط عقود الانتاج هذه، التي يبلغ أمدها عشرين عاما، على الشركات ان تستحصل سعرا ثابتا عن كل برميل تنتجه، فانها تتيح خيار الدفع بالنفط الخام، يُمكّن هذا الاجراء الشركات من الحصول على تجهيز مستقر وطويل الاجل من النفط، كما يمكن تمديد العقود لخمس سنوات اخرى.إن حاجات الصين للطاقة واضحة للعيان بقدر التحديات التي تواجهها، فبينما كان العالم يعاني من اسوأ ركود اقتصادي في فترة ستة عقود، فان الاقتصاد الصيني نما بنسبة 8.7 بالمئة في عام 2009، ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تصل نسبة النمو الى عشرة بالمئة هذا العام.وتوصل تقرير صدر عن معهد بلاتس، وهو الفرع المتخصص بمعلومات الطاقة في مؤسسة مكغرو-هيل، ان الطلب الصيني على النفط وصل الى 8.43 مليون برميل يوميا في شهر نيسان الماضي، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 12.7 بالمئة عن مستويات نيسان من عام 2009. ويشكل طلب الصين الحالي للنفط ضعف ما يمكن إنتاجه محليا.ذهبت اربع صفقات نفطية منحتها الحكومة المركزية العراقية الى الصين، من بين اثنتي عشرة صفق
الصين تقطف ثمار الحرب فـي العراق
نشر في: 5 يوليو, 2010: 04:29 م