TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > نصر أبو زيد من هولندا:المثقف ليس عسكريا وانسحابه يكون أحيانا حكمة!

نصر أبو زيد من هولندا:المثقف ليس عسكريا وانسحابه يكون أحيانا حكمة!

نشر في: 9 يوليو, 2010: 06:57 م

حوار :محمد شعيرنصر أبو زيد يعود نهائيا الى مصر بعد أن يكمل الخامسة والستين !هذه هي مفاجأة أبوزيد في حورانا معه.سيعود أبو زيد منتصرا بلا شك، ليس فقط لأنه أستطاع في سنوات منفاه الهولندي أن يحصل على أعلى الدرجات العلمية في جامعة لايدن ،
وأن يحتل الكرسي الذي يحمل اسم ابن رشد بجامعة الدراسات الإنسانية في أوترخت ، أو لأنه حصل على العديد من الجوائز والتكريمات، ولكن لأن مفردات خطابه العلمي ومعانيها تسربت الى خصومه الذين عارضوه وأقاموا عليه الدنيا، واضطروه أن يدخل الجامعة تحت الحراسة!ومن هنا لا يعتبر نفسه (ضحية) وإنما خصومه هم الضحايا!يوم الاثنين الماضي ( 10 يوليو) احتفل نصر أبو زيد بعيد ميلاده الثالث والستين.وبعد أيام تحديدا يوم (23 يوليو) سيكون قد مضي أحد عشر عاما على خروجه من مصر!خلال سنوات المنفي لم يزر مصر إلا مرات نادرة!فبعد خروجه انتظر طويلا أن يتلقي دعوة من جامعته، جامعة القاهرة… لكي يعود.. انتظر أن يسألوه عن رسائل الدكتوراة التي يشرف عليها.. أو أن يشعروه بأن هناك من يدافع عن حق البحث العلمي وحريته.. لم يتحرك أحد من المسئولين في الجامعة، بل سحبت كتبه من مكتباتها !عندها قال لنفسه: الجامعة ليست وطني، قرر أن يأتي في زيارة عادية لمواطن عادي يريد أن يلتقي بأهله وأصدقائه.جاء بعد أن أكمل الستين ليسوي أوراقه في الجامعة التي أضطر أن يغادرها بعد أن أصبح لا يستطيع دخولها إلا تحت الحراسة!بعد هذه المرة جاء مرتين مدعوا من الجمعية الفلسفية للمشاركة في مؤتمرها السنوي.بعد نهاية إحدي الجلسات في مؤتمر الجمعية الفلسفية منذ عامين رأيت نصر أبو زيد مرتبكا. كان أحد زملائه في الندوة قد سأله عن رقم تليفونه في القاهرة، أملاها عليه على الفور، ثم سأله عن تليفونه في هولندا، أخذ يعتصر ذاكرته في محاولة أن يتذكره، وأضطر في النهاية ان يخرج أوراقه ليمليه الرقم !تذكر رقم لم يستخدمه منذ أكثر من ثمانية أعوام وقتها، ولم يستطع أن يتذكر الرقم الذي يستخدمه يوميا، ولكن في منفاه !ولكن لماذا اختار نصر أبوزيد أن يخرج هل كما صرح مؤخرا رئيس جامعة القاهرة­ بحثا عن الشهرة والمال؟سألته وأجاب:الأسباب في حالتي لا تخفي على أحد، حكم جائر بالردة بكل ما يترتب عليه من نتائج في مجتمع مسلم، يجعل من المستحيل على إنسان عادي أن يحيي حياة طبيعية، فما شأنك بأستاذ جامعي لا يستطع أن يمارس التدريس تحت الحراسة، في حالة السماح له بذلك. ارتبط بحكم الردة حكم بالتفريق، بفك رباط الزوجية. ومن عجائب أمر الثقافة المصرية أن قليلين جدا هم الذين تنبهوا للحكم: أستاذة جامعية تستأمنها الدولة على تعلىم أبنائها في الجامعة، ويخول لها القانون المصري أن تمنح درجتي الماجستير والدكتوراه، لكن نفس القانون لا يستأمنها على حياتها الخاصة: فيسمح للأغراب بادعاء حق حمايتها من زواج يرونه صار باطلا. لم يتنبه كثيرون لدلالة هذا الحكم بالتفريق على تناقضات الأوضاع القانونية في مجتمعنا. قال بعض الناس أن قرارنا بالخروج كان هروبا وتخليا … الخ، وهو خلاف في وجهات النظر. لكن المضحك ما قرأته أخيرا من تفسير رئيس جامعة القاهرة الحالي للأمر كله بأنه البحث عن الشهرة والمال في الخارج، كأن الرجل لا يعلم تاريخ المؤسسة التي عجيٌِّن رئيسا لها، ولا يدري ما حدث ويحدث لبعض أساتذتها. فعدم علمه مصيبة، وتفسيره على أساس عدم العلم مصيبة أعظم. لكنها ليست المصيبة الوحيدة على أي حال في واقعنا، حيث تتحول المؤسسات الى ملكيات “جديدة كلما أوكل أمرها الى مالك جديد: فينبري للدفاع عن أملاكه الخاصة، التي يتصور أنها ولدت يوم تنصيبه مالكا لها، يتصور أنها بلا تاريخ ولا تراث ولا ماض. لقد جاء سيادته فولدت المؤسسة من جديد ناصعة البياض. خيبة وأي خيبة. مرة أخري، هل يعلم السيد الأستاذ رئيس جامعة القاهرة الحالي أن (حكم التفريق)هذا تغول على حق إنساني أساسي لأستاذة في الجامعة، يسمي حق الاختيار، أم أن هذا ليس شأنا من الشئون التي يجب أن يهتم بها؟سألته : وماذا تصنف نفسك في حالتك هذه خارج الوطن (منفي _ مهاجر­ مغترب ) ؟من الصعب على الإنسان أن يضع توصيفا لوضعه في الخارج. أعتقد أنني مغترب، لست مهاجرا أو منفيا. وهو اغتراب إجباري . يسميه البعض منفي اختياريا، وهو في تقديري اسم غير دقيق: لأن المفهوم الكلاسيكي للمنفي أزالته ثورة الاتصالات، هذا من جهة. ومن جهة أخري لا توجد في حالة اغترابي أي سمة من سمات الاختيار الحر. لا يمكن أن يسمي الاختيار تحت وطأة الضرورة حرية. لم يكن في نيتنا _أعني ابتهال يونس وأنا­ ولا في خططنا أبدا أي تصور للهجرة، بل دجفِعْنا الى ذلك دفعا: فلم يكن من المعقول أن تستمر حياتنا تحت الحراسة المشددة التي فرضتها علىنا التهديدات، ولم يكن من المعقول أن نذهب للجامعة وندرٌِس ونلتقي بطلابنا محاطين بحراس مسلحين. كان الاختيار بين أن نبقي حبيسي المنزل، أو أن نعيش حياة طبيعية في مكان آخر. من ناحية أخري، لا يمكن للباحث أن يعيش تحت الحصار ويواصل عمله البحثي. فلما تأكدنا أن التدريس مهمة صعبة آثرنا إنقاذ ما يمكن إنقاذه.ولكن هل اختيار المثقف للخروج هو تعبير عن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram