TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > نصر حامد ابو زيد وابن عربي

نصر حامد ابو زيد وابن عربي

نشر في: 9 يوليو, 2010: 07:01 م

محمد الأحمد (لم أزل أبكي حتى ضحكت، ولم أزل أضحك حتى صرت لا أضحك، ولا أبكي- أبو يزيد البسطامي)يحتدمُ جدل الفكر العربي في كل لحظة ما بين أصول قديمه المشرق، وأصول حاضره المعتم، ويحدث أن يصل كل منهما إلى مفترق طرق، فذلك الزمن قد خطت فيه أغلب الأفكار التنويرية إلى أمام،
 وقد خطت أغلب أفكار اليوم إلى الوراء، وثمة جدل عقيم، سوف تخلفه المقارنة، وكأن الأمس العربي برغم محدودية عصره.. في التقنية الحضارية، قد كان أكثـر حضارة ورُقياً، وأكثـر انفتاحا بحضارته الفكرية على العالم الحاضر فيه، إذ كان الفكر جدليا رائقا، ومفتوحا، ولم يك يقيم الحدّ بالقطيعة مع التمرد، بل يقيم الدليل،rnويجادل الفكرة بالفكرة الأبهى، محاججاً بالدليل والقرينة، حتى بقيت الإضاءة خالدة متحدية الطمس، والنكران. وغالبا ما تفرض المصالح مطالحا والمطالح مصالحاً تغير المعاني إلى الاتجاه الذي تريده، حيث دُعِمَتْ الفرق بألف قضية، ونشرت المِلَلْ، والنِحَلْ بألف سبيل، وما عادت الخطابات قائمة لذاتها، حيث يؤرقها الاختلاف بالسيف وبقية السبل، فكلما جاءت فكرة، حتى جاءت معها الفكرة الأخرى، النقيض، وصار منهما الأثر بعد العين، (يجب أولا قبول غربة عقلية لا مناص منها للوصول إلى طراز محدد كل التحديد تاريخيا من الإدراك والتمثل والتفكير، ولابد ثانيا من ألفة ينهض بها المرء للطرائق والإشكاليات التي مازلنا نشعر بخصبها- محمد أركون ). ولان (محيي الدين بن عربي) نقطة التقاء بين التراث العالمي والتراث الإسلامي، وهذه فاصلة، يمكن النظر عبرها لتراث عربي بوصفه تواصلاً حياً خلاقاً مع التراث العالمي الذي كان معروفاً ومتداولاً في عصره، سواء كان تراثاً دينياً، مسيحياً أو يهودياً، أو كان تراثاً فلسفياً فكرياً، وإصرار العصر على استخدام مصطلحات متنوعة للدلالة على مفهوم واحد، واستيعابه للتراث السابق، أو تأثيره في النهج الفكري التالي له، قد لا يحتاج إلى استدلال، وصار الثابت متحولا؛ من بعد أن تعددت المناهج السياسية إلى حدّ لا حساب له، بعدد تعدد المصالح وصار الجزء يطغي على الأصل، بوقف ما يراد منه، وتغيرت الملامح بألف قناعِ، وقد تصدى في الأزمان اجمعها من المتجادلين لبعضهم، فأضاعوا ما أضاعوه، وبقيت الأسباب هي الأسباب، (تلحق الأباعد بالأداني وتلحم الأسافل بالأعالي )، وقد كانت مهام كثيرة تتطلب القيام بها من لدن مفكرينا الجادين في البحث، لأجل استحداث القناعة التامة بان الفكر الإسلامي قد كان ولم يزل منيرا، وان رجاله الحق قد تركوا رؤية عميقة في فهم النصوص بحياد عام، وقد كتب (نصر حامد أبو زيد)، الموسوم بـ(هكذا تكلم بن عربي) محاولة جريئة غير مسبوقة لنقد مشروع نقد العقل الإسلامي، والوقوف عند ابرز شيوخ التصوف، من خلل آليات علمية اعتمدها النقد العقلاني، وتأتي أهميتها من أنها تغور بعمق الفكر وليس من خارجه، فالمؤلف وفي إطار تحليله معتمدا على عمق ثقافة إسلامية، لا يأخذها إلا الجد وتشير إلى أن أقصر الطرق الكاشفة عن معرفة عصرية، وقد تركت بجرأة عالية إشاراتها البارزة في العقل الإسلامي المعطاء للمعرفة، والرافض للتحجيم. فيشير إلى أهمية تناول شخصية (بن عربي) بالتحليل الدقيق، والإضاءة على واحد من الذين تميزوا بين علامتين؛ هما استيعاب النص الجلي الضخم للفكر النقدي من ناحية، والإلمام بتاريخ الفكر العالمي، وتشعباته، ومدارسه من ناحية أخرى، فضلا عن أنه يندرج ضمن مرحلة معينة من مراحل ومناهج الفكر العربي الإسلامي المعاصر، موضحاَ الأسس العرفانية والبيانية المكونة لوحدات هذا الفكر، فالمفكر(نصر حامد أبو زيد) يعطينا دلالات معرفية مثيرة أساسها التفسير بأسبابه، ومقتضياته وينبغي علىنا أن نذكر بأنه كمفكر عربي معاصر، طاردته المحاكم بسبب خروجه على الخط المقرر من قبل فقهاء عصره، وصار مقيما في هولندا (تولد عام 1943م وحاصل على دكتوراه دراسات إسلامية من القاهرة 1972م)، وقد عرج متوقفا عند (محيي الدين بن عربي) بأكثر من كتاب، وأكثر من مقام ومقال، والرجل لم يكن متصوفا كبيرا، فحسب، وإنما كان عالما مقتدرا بين علماء عصره، وقد ترك بصمات دلالية على نهج تفكيره، فكان فيلسوفا أيضا، إذ أنتج أفكارا حاجج بها كل المفكرين الذين جايلوه، وبقيت تتلامض كالدر المكنون في أبيات الشعر الصوفية التي بقيت خالدة، إضافة إلى فتوحاته النصية الرائعة في كتابه العبقري (الفتوحات المكية)، الذي دل على أن (ابن عربي) عالم لغوي لا يمارى، ذهب إلى مقاصده بخط مستقيم، ومعانيه لم تكن تحوي على ازدواج في المعنى، إذ كان مؤمنا بعمق لما كان يتحمل وزره، (في فترات القلق والتوتر يكون التكفير هو السلاح، وفي فترات الانفتاح لا يوجد تكفير، كل الخطابات متاحة، ومتميزة بالتفاعل فيما بينها، والتيارات الظلامية هذا التعبير لا أحبذ أن استعمله، لأنه سيرد فيما بعد ليقول لي بالتيارات المنحرفة عن العقيدة، يعني هناك تبادل تهم، السلطة هي تخلقه، وكذلك السلطة تكفر، ومشكلتنا في المجتمعات العربية لا نستمع الى الرأي الآخر ولا نتسع له، وكل فرد في الجماعة يعتبر نفسه مالكاً للحقيقة وبالتالي نحن نختلف حول المعاني ولا نختلف حول الحقيقة، لا نختلف حول وجود الله وحتى لو اختلفنا حول وجود الله

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram