اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > عبد الكريم قاسم في الذاكرة

عبد الكريم قاسم في الذاكرة

نشر في: 14 يوليو, 2010: 06:27 م

شاكر هاني غضبلم تكن حكايات هذا الزعيم الوطني أكثر منها جدلاً في حياة زعماء آخرين ساقهم الزمن في تأريخ الشعب العراقي. فهو وطنيٌّ لا غبار عليه، أنهى حقبةً عاش العراق فيها سوءاً لا يمكن تصوره، بين الاستعمار والإقطاع والتخلف ومصائب كثيرة. مرَّ ما يقارب النصف قرن على استشهاده إلا أن الغصة التي أمسكت بجميع معاصريه الشرفاء مازالت يحملها الأحياء منهم.
 وأسجل هنا بعض الحكايات الخاصة بتلك الفترة، وما تداول شعبياً منها. ويكفيني فخراً أني كنت المخبر الأول لحدوث الثورة المباركة لقريتي، وكنت في عمري الصغير أنتظر نتائج البكالوريا للصف السادس الابتدائي، حيث أن مدير مدرستنا أعطانا الموعد المذكور بعد آخر مراجعة لنا. ذهبت إلى المدرسة، وكان المكان يلُفه الصمت. طرقت الباب الكبير بكلتيّ يدي. جاء الفراش الطيب قائلاً: «ماذا تريد يا بني؟» قلت: «أسأل عن نتائج البكلوريا.» ابتسم الرجل ابتسامة فيها حيرة وقلق وقال: «اذهب يا ولدي لأهلك فإن الدنيا انقلبت، حيث أن الملك قُتل وهرب نوري السعيد.» قلت: «ومن حلَّ محله؟» قال: «يقولون أنه الزعيم عبد الكريم قاسم.» ومن دون تعليقٍ أحسست أنّي أطير من الفرح. لا لمجيءِ الزعيم، ولكن لخلاصنا من نوري السعيد الذي كان عمود الطغيان في ذلك الوقت. وعدتُ راكضاً إلى قريتي (التي تبعد 3 كم عن المدرسة) وأنا أصيح دون أن يسمعني أحد: لقد تخلصنا من نوري السعيد. وأنا أكرر هذه الصيحة طول الطريق. ونوري السعيد هذا هو رئيس الوزراء قبل الثورة، من العجب أن أسمع عنه أنه شخصية وطنية وأنه عرّاب الديمقراطية في العراق، وأنه.. وأنه.. وفي رأيي أن ذلك يعود إلى رأي الجماعة الذين عاصروا العهد البعثيّ المُباد بمآسيه الخالدة وربما الذين ينحدرون من أصلٍ إقطاعيٍّ أو رأسماليٍّ أو من وجهاء العهد الملكي الفاسد. فإذا كان نوري السعيد وطنياً مقارنة بصدام حسين فذلك ربما يكون فيه بعض الحق. أما تقييمه الحقيقيّ فيجب أن ينبع من التجربة والمقارنة. وأنا أطلب رأي الفقراء والمعدمين في هذه الشخصية، وما أكثرهم في ذلك الزمن. وهناك بعض الحقائق: 1. لقد كان العهد الملكي مأساوياً بالنسبة لحقوق المواطنة فـ(90%) ليس لهم أن يرفعوا رؤوسهم أمام (10%) من الشعب المختار في كل شيء. 2. كان قانون العشائر سييءَ الصيت -الذي ألغته الثورة- هو المعمول به في الدولة وفيه التحكم المطلق لرئيس العشيرة أو الوجيه في رقاب عباد الله. 3. على الفقير أن يخدم ويكد ويتعب ليضع ذلك في جيوب الـ(10%) المذكورين. 4. كان نظام السخرة معمولاً به، فابن الشعب عليه أن ينفذ رغبات الوجهاء دون سؤالٍ أو مناقشةٍ وإلا تعرض للضرب والإهانة. 5. لقد كان الاستعمار البريطاني هو الحاكم الفعلي في العراق، وهو الموجِّه لسياسة العراق وهو الذي كبَّل العراق بالمعاهدات والأحلاف الجائرة. ولولا الثورة التي أخرجته منها لكان ما كان. 6. لو كان نوري السعيد وطنياً لما قامت الثورة، ولما قتله أبناء الشعب، ولما قامت الدنيا ولم تقعد ضده. هذه هي شهادتي الشخصية، وأنا ممن عاصروا تلك الحقبة المظلمة، ومع أنّي كنت فتيّاً، فقد رأيت من خباياها الكثير. وهي وان كانت رأياً شخصياً، إلا أنها لا تختلف عن رأي الجميع ممن عاصر ذلك العهد. وبدأت الأحداث تجري وتتلاحق والحكايات تسري بين خلق الله، وكيف أن نوري السعيد لبِس ملابس النساء بعد خروجه من بيت «السربادي» (يقصدون الاستربادي). وبرغم ذلك فقد كشفت حقيقته جماعةٌ من مؤيدي الثورة، فأردوهُ قتيلاً في الحال، ووُضع الحبل في عنقه للدلالة على إعدامه من قبل الشعب. ويُذكر أن بعض الغوغاء جروه بالحبال هاتفين بسقوطه. وتأسّف كثيرون لمقتل الملك الشاب لكونه لم يكن سبباً في ما جرى من الأحداث في ذلك الحين. ويقال أن عبد الكريم قاسم شعر بامتعاضٍ شديدٍ عندما بلغه الخبر. احتلت حكايات هذا الزعيم الخالد الذاكرة الشعبية لفترة طويلة من الزمن، ربما ما زالت بعض الحكايات تتداول بين العامة ممن عاصروا تلك المدة. وذهب البعض إلى وصفه بصفاتٍ حميدةٍ لا توجد إلا عند وليٍّ؛ فمن قائلٍ أنه من أتباع الحجة المهدي(عج)، وأنه متخفٍ لإنجاز مهمةٍ إلهيةٍ مكلف بها. وذكرت امرأةٌ رأته مباشرةً «أن وجهه نوراني وعندما رأيته لم استطع إلا الابتهال لله تعالى وأن قامته عندما اعتلى منصة الخطابة كأن لها صلة بالسماء.» ومن الحكايات الأخرى ما ذكره لي المرحوم محمد الوالي (من أبناء مدينة القاسم(ع) المقدسة ومن شهداء الانتفاضة الشعبانية) وكان قد ألمَّ به حيفٌ لم تستطع الحكومة في الناحية أو المحافظة معالجته بما يرضيه، فقالوا له: «عليك بمقابلة الزعيم.» يقول: «شددت الرحال إلى بغداد وذهبت لزيارة الإمام الكاظم(ع)، ثم استأجرت سريراً في فندق منهي (قرب سينما بغداد في العلاوي) وهو من الفنادق الشعبية المشهورة لأن صاحبه من أبناء الفرات الأوسط. ومع انبلاج الصبح، أخذت عريضتي وذهبت سيراً على الأقدام». فالرجل لا يعرف كيف أو أين يجد سيارة توصله إلى وزارة الدفاع، ويستطرد: «بعد أن وصلت إلى الباب النظامية، دخلت إلى الحرس فاستقبلوني بالتحية وخاصة بعد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram