اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > شاكر حسن آل سعيد وعبد الكريم قاسم

شاكر حسن آل سعيد وعبد الكريم قاسم

نشر في: 14 يوليو, 2010: 06:36 م

د. شاكر الحاج مخلففي أواخر العام 1963، في مرحلة الدراسة المتوسطة، انتقلت عائلتي من البصرة الفيحاء إلى بغداد الرشيد؛ وتبعا لذلك، اختلف كل شيء، وخاصة الدراسة، دق الجرس، وكانت الحصة الأولى في ثانوية النظامية هي حصة الرسم. جميع زملائي لديهم علب ألوان، ودفاتر رسم إلا أنا، ففي ثانوية "المعقل" التي نقلت منها لم نكن نمارس الرسم، أو الرياضة أو التمثيل،
 كانت الدراسة تقتصر على الدروس الأساسية فقط، التلميذ الذي يشاركني مقعد الدراسة "بدين بعض الشيء وله ملامح كما لو كنت أعرفه من قبل ولكنه لم يكلمني ظل منهمكا برسم لوحة عن زقاق بغدادي بمهارة واضحة، نظر معلم الرسم "شاكر حسن آل سعيد" نحوي، لم يكلمني، تشاغلت بفتح حقيبتي الجلدية فسقطت منها ميدالية تحمل صورة المرحوم – زعيم العراق عبد الكريم قاسم – تدحرجت الميدالية واستقرت عند الجدار حيث السبورة مثبتة، كان أخي الكبير قد طلب مني التخلص منها لكني لم أفعل، كانت مع قلم حبر من النوع الثمين هدية الزعيم لي ولثلاثة من زملائي عندما مثلنا أمامه مشهدا عن ثورة الجزائر، رأيته واقفا على أرض المخيم الكشفي في _ أبي غريب وبجواره وزير المعارف – إسماعيل العارف تجمد الزمن لحظة عندما كنت أحدق في ذلك الوجه الذي استوطن القلب والعين، وعندها أيضا سقطت الهدية من يدي ابتسم "قاسم" بود وحنان وقد فطن بذكاء لحالة الاندهاش التي تعصف بيّ فأنا أقف أمام الزعيم الذي صفع الإنجليز وعملاءهم، أشار بطرف عينه إلى مرافقه الذي أسرع والتقط الهدية وقدمها لي بينما ابتسامة "عبد الكريم قاسم" لم تفتر أو تغادر وجهه... الآن تحرك "آل سعيد" نحو الميدالية رفعها من الأرض ورأى بشكل خاطف الصورة، رأيت ابتسامة خفيفة على وجهه، تقلص حجم الخوف والقلق، وضع الميدالية على ظهر مقعد الدراسة، دون أن يقول كلمة، الطالب الذي يشاركني مقعد الدراسة رأى الصورة، هو أيضا انفرجت أساريره بينما أنا أشتعل قلقا، وجود صورة "للزعيم" مع طالب تعتبر عملية تحريض سياسي، تنتهي بالطرد من مقاعد الدراسة، كان الموقف عصيبا، توقف الطالب الذي يجلس بجواري عن الرسم وظل محاصرا يبحث عن مفتاح للحديث معي، لم يحتمل فهمس لي بحذر شديد "لا تخف، عبد الكريم قاسم عمي!!" صفعة كبيرة أخرى أتعرض لها، لم أرد عليه، صار تحفظي أكبر، ولكني نظرت إلى وجهه من زاوية عيني، فعلا ملامحه قريبة تماما إلى صورة المرحوم "عبد الكريم قاسم" قطع تلك المتابعة مدرس الرسم "آل سعيد" وهو يقدم لي دفترا للرسم، قدمه لي، وقال:-شاكر حاول أن ترسم..فتح "عبد الله حامد قاسم" الذي يجاورني حقيبة موضوعة على الأرض وقدم لي علبة أقلام ملونة ومعها ابتسامة أخوية صادقة، أخذتها مع كلمة شكر لكني شعرت بالخجل، كيف أرسم؟ حاولت فعلا رسم عدة خطوط، ولكنها لم تكن تعبر عن شيء، نظرت نحو دفتر زميلي.. الفرق بيننا كبير، شعرت بالعجز توقفت، وقلت لنفسي أنا لا أعرف، وضعت القلم جانبا ، وما هي إلا لحظات حتى اقترب "شاكر حسن آل سعيد" نظر في دفتري وقال:- لماذا لا تحاول؟!رأيت عيون جميع زملائي تحدق بي.. وقفت، وقلت له، وأنا أنظر نحو أقدامي:- لا أعرف أن أرسم..قال "آل سعيد" مرة أخرى، وهو يبتسم:- حاول.....!عندها دق الجرس، أنقذني الحظ من ذلك الموقف المحرج، وجاء جميع الطلاب لينظروا بسخرية إلى الدفتر المفتوح أمامي، حيث لم يكن في الصفحة سوى ثلاثة خطوط متباعدة خجلة.. حزت في نفسي سخرية زملائي ، فقررت الغياب عن الفصل، عندما يحين درس الرسم، مهما كلفني ذلك.مر الأسبوع الأول، ثم الأسبوع الثاني، وأنا أقاطع درس الرسم، أجلس في الحديقة دافنا جسمي بين الآس، كي لا يراني ناظر المدرسة. في الأسبوع الثالث رأيت بواب المدرسة يقوم بنقل رزم الكتب، التي خصصتها الوزارة لمكتبة المدرسة، وكنت كعادتي أقاطع درس الرسم، فقررت الخروج من مخبئي ومساعدته، وكنت سعيدا بذلك القرار، حملت ربطة الكتب الثقيلة، وما كدت أصل إلى بوابة الممر المؤدي إلى المكتبة حتى زلت قدمي، وسقطت، وتناثرت الكتب في الممر، وأحدث ذلك دويا كبيرا، على أثر ذلك شعرت بألم حاد، في الساق، والمرفق الأيمن. امتدت نحوي يد لتساعدني على الوقوف. كانت يد "شاكر حسن آل سعيد"! راح يجمع الكتب، وعيناه مثبتة في وجهي، ثم قال:- هل أنت تكرهني؟...قلت:- كلا يا أستاذ، أنا أكره درس الرسم..قال شاكر آل سعيد:- هل جئتنا من كوكب آخر! لماذا تكره الرسم؟قلت:- لا أعرف..قال المعلم:- بدلا من الجلوس بين شجيرات الآس، خذ القلم وحاول أن ترسم، وتذكر أن المواجهة تمنحك فرصة لتطرد الفشل، هيا عد إلى الفصلسحبت خطواتي، ومعلم الرسم في أثري، وعندما جلست على المقعد، فتح حقيبته وقدم لي علبة ألوان الرسم وقال"- "هذه هدية تصالح بينك وبين الفن، أنت فنان يا شاكر ولكنك تنكر ذلك..!كما قدم لي دفترا جديدا، ومسك يدي، وبدأنا نرسم. أكتمل تخطيط اللوحة، ولم يبق سوى تلوينها،قال لي هامسا:- هل تخلصت من ميدالية الزعيم...؟ قلت على الفور:- ولم أحتفظ بها، عبد الكريم قاسم حيّ يجلس بجانبي..!ضحك شاكر حسن آل سعيد بقوة وقال "عفيه"...!في البيت تركت كل شئ، وبد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram