TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > كلام ابيض : بائع النفط

كلام ابيض : بائع النفط

نشر في: 17 يوليو, 2010: 07:36 م

 جلال حسنمنذ سبعينيات القرن الماضي، وبائع النفط ما زال يؤكد حضوره  يمسك عمودا حديديا صلدا يضرب به على (ويل ) سيارة، صوت يضرب  صداه على جمجمة الرأس، وتقرف له البراطم  تشنفاً، وربات البيوت تنغصاً، وإزعاجا  للنائمين والمرضى وحتى الأصحاء منهم.
بائع الغاز لا يختلف عن أخيه بائع النفط، هو الآخر يمسك عموداً حديديا أجوفاً ويضرب بكل ما أوتي من قوة على آذان دبة الغاز، وصارخاً بلا سبب، بل كأنه يملك اخر عشرين اسطوانة في البلاد وبنفاذهم تطبخ العوائل على الحطب، جميع عربات النفط والغاز تجرها "حمير" وفي احسن الاحوال "حصن " من التي  احليت على  التقاعد  من نادي الفروسية، بعد ان ركضت مسافات طويلة وحققت أرقاما قياسية ، وحقق سواسها ارباحاً خيالية،والمراهنون عليها الإفلاس والندم ، الان حتم على هذه " الحصن " ان تشترى وتجول الشوارع  والازقة الضيقة  وعلى  انحناء ظهورها تجر عربات النفط أو الغاز، سألت بائعا للنفط لماذا تضرب الحديد على الحديد، اجاب الرجل بأدب جم : "لاتوجد إي طريقة ناجحة تفيد بالاعلان عن بيع النفط، لقد جربت ثلاثة طرق الاولى، الصياح بصوت عال بكلمة " نفط ، نفط"  ومن كثرة الصياح فقدت صوتي مع التهاب حاد في الحنجرة ألزمني الفراش مرات كثيرة ، والثانية ، اشتريت منبهاً "هورن" سيارة  وضغطت عليه مرات ولكن الناس لم تتعود على هذه الطريقة، فباءت بالفشل الذريع،  اما الطريقة الثالثة والمعتادة حاليا وما زال الكلام لبائع النفط، وهي مسك قضيب حديدي صلد والضرب به على آلة حديدية صلدة أيضا يفضل "ويل " سيارة يوضع  بالقرب من كرسي الحصان ، ويتم الطرق عليه بعد ان اصبح وقع الصوت معروفاً لجميع الناس، وهي ان هذا الضرب "الرنة "  لبائع النفط  تختلف عن صوت ايقاع بائع الغاز  لان الأخير يضرب بعمود حديدي اجوف على رأس  اسطوانة  الغاز ما يجعل السامع يميز بين صوت  الاثنين  وتحديدا ربات البيوت. مما تقدم يمكن القول بصراحة مؤلمة ان كثيرا من الدول التي سبقناها باستخدام الوقود، تخلت تماما عن هذه الطريقة البائسة،  وعملت بإيصال  أنابيب الغاز إلى الدور والشقق بطريقة التأسيس الثابت والذي يشبه كثيرا دورة تأسيس أنابيب مياه الشرب بتحوطات أمان غاية في السلامة العامة. منظر بائعي النفط والغاز  بعربات متهالكة  يجرها حيوان، لا يسر إطلاقا، ودلالة واضحة على تخلف البلاد  وكأننا نعيش في قرون مظلمة ونحن من أنار الدنيا بالعلوم الإنسانية العظيمة وما زلنا ننير الدنيا بنفطنا وغازنا  الذي نبيعه لغيرنا ونكتفي بالظلام.jalalhasaan@yahoo.com

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إيران: لن نسمح بتكرار أحداث سوريا والمسلحون لن يحققوا أي انتصار

المخابرات الفرنسية تحذر من نووي إيران: التهديد الأخطر على الإطلاق

نعيم قاسم: انتصارنا اليوم يفوق انتصار 2006

نائب لـ(المدى): "سرقة القرن" جريمة ولم تكن تحدث لو لا تسهيلات متنفذين بالسلطة

هزة أرضية تضرب الحدود العراقية – الأيرانية

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram