عبد الكريم يحيى الزيباري حاول أسطرة العنوان (نجمة البتاويين الأسم السري لمضاجعة النساء واحتساء الكحول ونقد الوضع وقراءة الكتب، نجمة البتاويين..كانت متخفية هناك وراء مستقبل دخاني لفَّ ويلفُّ المدينة منذ سنين طويلة) ، سرية سائق التاكسي وهو يصرخ: "نفرين للمطار السري!". همزة الوصل، التي ظُلِمَتْ كثيراً في الاسم و(إغتيالات/ص17)(بعد الإنفجار)
(إنقلاباً/ص22) وغيرها الكثير، وتألمتُ كثيراً لتعطيل حرف الجر(يسألان عن أبو شلال/ص172). (العثور على أبو شلال/ص174). لكن هل بمقدور القارئ "تعطيل الإحساس بالارتياب" كما يسميه كولريدج؟ هل بالإمكان إحالة القصص المُتَخَيَّلة في " نجمة البتاويين" إلى واقع العراق الجديد؟rnالروائي شاكر الأنباري اعترف دونما قصد، بأنَّهُ يحاول توثيق الحقائق قبل انفلاتها(وقال ربيع المحمدي إنَّنا بحاجة ماسة إلى مركز وطني لجمع القصص، هناك ملايين القصص التي جرت في العشرين سنة الأخيرة، ينبغي توثيقها بطريقة من الطرق، فهي تعكس حقيقة تاريخ البلد) . لكن مَهمَّة الروائي تجسيد التاريخ المحتمل الوقوع، وسَبْر قاع المجتمع، بعيداً عن السطح، بتفعيل الخيال لرؤية ما وراء الأحداث الرئيسة، لكن دون أنْ يشعر بعض الروائيين، يقعون تحت إغراء مصائد التاريخ، وتشعباته البيوغرافية، حيث يتماهى بطل الرواية مع الروائي في خصائص مشتركة، ولكلِّ هذا علائق بالقيمة الجمالية، كاللواحق الوصفية للحوارات، فبعد حوار سهى وربيع القصير(فكَّر ربيع أنَّ تحقيقهُ القادم سيكون عن هذه المحلة/ص180)وهناك حوارات مختزلة في المجمل السردي(يجلس شيوخ محلة الفضل في هذا المقهى يومياً، يتداولون في شؤون الاحتلال الأمريكي، والتكفير والمقاومة والإرهاب والكهرباء والفساد الذي ينخر جسد الدولة/ص181) القارئ يريد أنْ يعرف ماذا قال أحدهم للآخر، ولو لمرة واحدة كمثال، ثمَّ تأتي لاحقة وصفية لإنقاذ هذه المناقشات(رئيس بلدية ولا يملك ثمن شراء كومبيوتر. راود ذهن ربيع ذلك وهو يقرأ الإعلان/ص181).تبدأ رواية "نجمة البتاوين"(اختطِفَ عمران المهندس/ص5)، عمران مفعول به، مخطوف، تحول إلى نائب فاعل للفعل المبني للمجهول، وهي حادثة تقع خارج الزمن السردي، وفي فصل 2(ليلة البارحة جلبَ له عمران تقريرهُ عن قصة اختطافهِ/ص17). (حَدَثَ هذا قبل أسبوع من اختطاف عمران المهندس/ص161). قبل ماذا؟ قبل أنْ تكشف سهى سرَّ عذريتها؟ مقابل كشف سر النجمة/ص159. ولكن الأمر ليس كذلك بحسب معطيات النص.لم يستطِعْ النص منح المركز "حادثة خطف عمران" القوة اللازمة، وعمران كيفَ خطفوه؟ ومن أين؟ ومتى؟ إخبار رواية زوجته سميرة/ ص162. عن رواية أخرى، لأنَّها لم تتأكد من خطفه حتى اليوم الثاني، ولا أظنُّ أحداً يهتم بالتفاصيل، لأنَّ خيال زاهر قَدْ نَضَبْ، رغم أنَّهُ(أعجبته طريقة ربيع التفصيلية في الكتابة، كتابة التفاصيل، فالتفاصيل تخلق الحياة/ ص23) لكن من أينَ تأتي التفاصيل؟ وليس ثَمَّـةَ إلا إخبارٌ وأخبارٌ دونما أدنى تفاصيل، من نوع قال(علي محمد أمين اختطفوا مالك المولدة الكهربائية في الطالبية/ص7)وهلمَّ جَرَّاً والأحداث تَتْرَى، وسلامي إلى الحاجَّة أُمُّ محمود ونعلمكم أنَّ(أبو حسن ذَهَبَ إلى السماء في انفجار شارع المتنبي/ص23)(سامي قتل في الكويت، وعلي هُجِّرَ إلى إيران/ص29)وفي ص72 نبذة عن حياة عبدالمحسن السعدون، وعباس دخل الجيش أما زينب وعيالها... (هل وقعت سهى في حبه؟.. كان وطوال علاقته يلعب معها لعبة القط والفأر، وهي لعبة لم تكن نزيهة بالتأكيد/ص23)ولكن بالإمكان اختزال جميع علاقات الحب إلى كلمتين لعبة القط والفأر، ولتذهب التفاصيل التي لن تأتي إلى هيدز، وكتفصيل للعبة تكشف سهى لزاهر أنَّها ليست عذراء/ ص159، مقابل أنْ يكشف سرَّ نجمة البتاوين، لاعتقادها بأنَّها تنظيم. (ودوافع الاختطاف غير معروفة، هل هي نقود الفدية، الانتماء الطائفي، السياسي، أم هناك دوافع لا يعرفونها/ص6)(خطأهُ الوحيد كان حماسته للأميركان في بداية دخولهم، اعتبرهم محررين أكثر مما هم غزاة أو فاتحين.. اتصل بالحامية.. وأعطاهم قائمة بأسماء كل من يعرفهم من جماعة النظام على مدار ثلاثين سنة، وشكَّل فريقاً من الأصدقاء والأقرباء بالتنسيق مع الأميركان لمطاردة البعثيين السابقين، ومن كانت له علاقة بالسلطة/ص9). لم تجرِ أيَّـة ملاحقة للبعثيين، وأحيلوا إلى التقاعد بمرتبات أضعاف ما كانوا يقبضونه وهم في الخدمة، بينما عاد معظمهم إلى الخدمة المدنية والعسكرية والمخابراتية، فأول محافظ لمدينة الموصل كان ضابطاً كبيراً برتبة لواء ركن متقاعد، ومسؤول عسكري في فرع الموصل لحزب البعث، وبدرجة عضو شعبة، وقائد شرطة نينوى كان قائد القوات الخاصة في جيش صدام وحتى آخر يوم 9/4/2003، وبعثي بدرجة عضو شعبة، ولا زال الجيش والشرطة قائمين على الضباط البعثيين، فكلُّ عراقي كان بعثياً، شاءَ أمْ أبى. والدليل أنَّ القوانين لا تسمح لهم بالترشيح لمجلس النواب فقط، وبقية المناصب متاحة لهم، وإنْ باستثناءات، ولم يتم التضييق عليهم إلى ربيع 2010. (الجيش الثوري الذي شكله عمران في المنصور لمقاتلة البعثيين وأصحاب النظام السابق بدعم من الأميركان/ص40). هذا في أول لقاء، بين زاهر وعمران.ثلاثة أصدقاء(علي محمد أمين، وزاهر
نجمة البتاويين.. أزمنة العراق السردي
نشر في: 19 يوليو, 2010: 06:25 م