TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > غـرائــز الأسئلة.. قراءة فـي محنة الخطاب السياسي

غـرائــز الأسئلة.. قراءة فـي محنة الخطاب السياسي

نشر في: 19 يوليو, 2010: 06:27 م

علي حسن الفوازثمة من يتساءل إلى أين يذهب العراق السياسي؟ وهل يجرّ معه العراق الثقافي والعراق التاريخي إلى المجهول؟ وهل العراق محكوم حقا بأقدار يختلط فيها السحري مع السياسي مع فنطازيا الرعب التاريخي، وان مثيولوجا الحروب والاستبداد هي الشفرة السرية او(اللعنة السومرية) التي تطارد من يبحثون في أسرار(الناسوت)العراقي؟
وثمة اسئلة اخرى يضعها بعضهم بمستوى اللافتات، خاصة فيما يتعلق بالمسؤوليات التي تضخم محنة العراق السياسي؟  وطبيعة القوى التاريخية التي صنعت رعب هذه المحنة، والتي قدمت طوال تاريخ عاصف وجوها طاعنة في السايكوباثيا السياسية والامنية؟ ولعل اقسى تلك الاسئلة، هو ما يتعلق بمسؤولية المثقف العراقي في صناعة الأدوار في هذه المحنة، وهل ان الفرجة الغرائبية التي عاشها المثقف العراقي طوال قرون وعقود، والتي انتهت بفرجته الحالية، هي  جزء من تشوهات مسؤولياته في إثارة الأسئلة ودوره الهامشي/التابع في النكوص عند استلاب الأسئلة..فالبعض يرى ان مسؤولية المثقف تكمن في عطالته وفرجته التاريخية، وتاريخ عزلاته النكوصية، وهروبه الدائم لصق الزوايا تقية من سلطان،  أو أحساساً باللاجدوى، أو ربما هو التمثل لهشاشة ورخاوة بناء مؤسساته القديمة والجديدة الغائبة عن ان تصطنع لها دورا  الفاعلية الحقيقية للحراك الثقافي؟ لقد فشل المثقف الإيديولوجي، مثلما فشل المثقف العضوي في ان يكون عضويا، وفشلت بالمقابل اغلب الحركات (السيا ثقافية) في ان تكون مصدرا للتنوير والحراك، مثلما هو فشل النخب الثقافية القديمة(الافندية) في ان تقدم نموذجها الفاعل في ادارة ثقافة المدينة، ناهيك عن فشل الاحزاب السياسية اليسارية واليمنية في ان تقدم نموذجها القابل للترويج والتداول والتأثير، فضلا عن عزلة الحركات الدينية داخل غيتو اشتغالاتها الفقهية، والتي أضعفت بالمقابل الدور الحقيقي الذي ينبغي ان تقوم به في مواجهة أسباب الظلم والاستبداد السياسي والاجتماعي، وإشاعة قيم التنوير والاجتهاد والثورة، وهو ما ترك الجمهور العام نهبا لمرجعيات الجهل وسطوة القوى الغامضة التي صنعت منه حشدا للتهييج والترويج، وأهدافا مباحة للموت في الحروب العبثية والانقلابات الدامية..سؤال إلى أين يذهب العراق، سيظل معلقا إلى حين، وسيستفز اللاوعي الجمعي للمثقفين والسياسيين على حد سواء، إذ ما هي هوية هذه المرحلة التي جاءت بعد انهيار النظام القديم، وهل ان الحرية التي تمارسها القوى السياسية هي حرية حقيقية ام هي حريات مضللة بحثا عن الذات والهوية؟ وهل ان التجاذبات التي يعيشها الواقع السياسي هي جزء من عافية الحرية، أم جزء من اضطرابه وغموضه، ومتاهة الطرق المؤدية إليه؟  المثقفون العراقيون سيظلون يعانون من ضجرهم القديم، وعزلتهم القديمة، وهشاشة مشاريعهم القديمة والجديدة، فهم خارج اللعبة الان، وخارج توزيع الأدوار الآن، فكم سياسي تحدث عن مشروع ثقافي للإنقاذ؟ وكم سياسي أدرك أن نصف محنة العراق هي ثقافية، وان سوء إدارة الثقافة بمعناه القيمي والإنساني والهوياتي هو الذي أنتج سوء إدارة السياسة؟ وكم سياسي واقتصادي أدرك الحاجة إلى ضرورة تمويل المشاريع الثقافية، وإلى تخصيص جزء من الميزانية العامة لإنعاش وتطوير الفاعليات الثقافية مثلما تفعل كل امم الدنيا؟ وكم برلماني أدرك ضرورة الحاجة غإلى تشريع القوانين اللازمة لحماية الثقافة باعتبارها جوهر الهوية، والقوانين التي تحمي الحريات العامة والحقوق العامة، وان تنتظم من خلالها المسؤوليات الإعلامية التي تعيش للأسف عوالم الفوضى وفوبيا الرقابة والتاريخ الانقلابي للدولة القديمة؟ وكم مثقف أدرك ضرورة الدفاع عن مهنة صناعة الأسئلة، والدفاع عن القيم المدنية والحريات، وضرورة إعادة إنتاج العلاقة مابين الثقافي والسياسي في ضوء استحقاقات مرحلة جديدة تقتضي من المثقف مسؤوليات جديدة ومهام جديدة؟ النظر في وظيفة المثقف العراقي هو النظر في أسئلته، وهذا الأسئلة لا تأتي من الفراغ، ولا تدحرج في الشارع مثل الحصى، أنها أسئلة الجدوى، وأسئلة البحث عن الحلول، وبقدر معرفتنا بان المثقف ليس صاحب هذه الحلول، فان أسئلته الفاعلة هي الدافع لوضع هذه الأسئلة  الثقافة سؤال كبير مفتوح على الغواية دائما، واي ثقافة لاتمارس عادة الاسئلة تموت من الضجر والتكرار والسكون والبلاهة. ولعل اكثر احزاننا اثرا في النفوس كانت بسبب  اصابتنا بعاهة موت الاسئلة ولسنوات طويلة، لان السؤال كان خروجا  استثنائيا إلى مواجهة صناعة الرعب، أو تمثلا إلى نمط  من السلوك المعادي الذي قد يؤدي بصاحبه إلى التهلكة والريبة والخطيئة واحيانا إلى الاستنارة  بالتنمطق الذي يذهب بقائله إلى التزندق والتهرطق كما يقول البعض.فهل نحن مسكونين حقا بفوبيا الاسئلة تحت يافطة الإثارة، او البحث عن الأصوات المشاغبة للاطمئنان المغشوش؟ وهل كان  تاريخ السؤال لدينا هو تاريخ لمشكلة طاعنة او ربما كان رعبا لايمكن الوقوف عند حافاته؟ وهل استمرأنا من خلال لعبة اصطناع الأسئلة، التعود على ممارسة التلصص على الاخر الذي ينتج ويفكر ويرعى ويدون ويتناسل ويسوّق حروبه واستشراقه وبضاعاته ونحن نخشى التورط في الاسئلة؟ تاريخ السؤال اقترن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram