TOP

جريدة المدى > سينما > الطب وشرف المهنة

الطب وشرف المهنة

نشر في: 19 يوليو, 2010: 06:31 م

 البصرة/علي هاشمتعد مهنة الطب من أرقى المهن التي ولدت من رحم الإنسانية، وباتت تقف على عتبة واحدة من حيث قدسية وظيفتها الانسانية مع وظيفة الام في الاسرة والمجتمع،  وفي العقود الأخيرة من القرن الماضي كانت للطب في العراق، مكانة رفيعة ومستوى متميز لبروز أسماء لامعة ذاع صيتها في دول الجوار بل وتعداها لما حققوه من نجاحات وإنجازات عظيمة
 تم تدوينها في المجلات الطبية والمحافل الدولية ما دعا أبناء الجوار يأتون إلينا لغرض العلاج، ومن أسباب ذلك احترام أطبائنا لشرف المهنة والتنافس الشريف من أجل تحقيق الأداء الأفضل بعيداً عن المتاجرة بأرواح البشر والكسب غير المشروع . وبسبب الحروب والحصار والفساد الإداري والمضايقات الاخرى، اضطر الكثير منهم إلى الهجرة خارج الوطن أسوة ببقية العقول المتميزة لتفرغ الساحة من الكفاءات العلمية والإنسانية .إن الفوضى التي عمت مرافق الحياة كافة في العراق بسبب ما تقدم وأسباب أخرى منها: (الدرجات العشر) سيئة الصيت التي كانت تعطى للطلبة من ذوي الشهداء وأبناء الرفاق؛ أوجدت من الأكاديميين والمهنيين غير المؤهلين علمياً ومهنياً لاسيما وقد أغلقت الطرق المؤدية إلى تطوير قابلياتهم ورفع قدراتهم والتبصر بمستجدات العصر، فولد عندنا جيل من (الاطباء) بثقة مهزوزة بالنفس، لا ترتقي لحالة المسؤولية ما حدا بهم إلى إتباع أساليب غير حضارية وإنسانية لا تتلاءم ومكانة الطبيب ومنها التعاون مع ما يسمى بالسمسار (الدلال) في استدراج المرضى إلى عياداتهم حيث يتواجد هؤلاء بالشوارع المؤدية إلى تجمع الأطباء عارضين خدماتهم، على الوافدين من المرضى وإيصالهم إلى غاياتهم ولكن بطرق ملتوية وغير أمينة، وذلك من خلال عرض القدرات الخارقة والمناقب الطبية بحرفنة وحذلقة، لأطباء على حساب أطباء آخرين لهم مكانتهم العلمية، مدعين إنهم غير متواجدين بسبب السفر أو المرض وما شابه ذلك، وفي حالة استجابة المرضى لهم يتقاضى السمسار من الطبيب المعني مبلغاً قدره ثلاثة آلاف دينار قابلاً للزيادة حسب الحالة، و(العملية) لها أجرٌ أكبر وهكذا.. والحالة لا تقف عند هذا الحد فهناك اتفاقات وعقود تجارية بين الأطباء(الزملاء) أنفسهم حيث يتقاضى الطرف الأول من الطرف الثاني، مبلغاً لا يقل عن خمسة آلاف دينار عن كل (راس) يرسل، لإجراء بعض الفحوصات، كالأشعة والسونار والمفراس والمختبر وغيرها، وغالبا مايكون المريض غير محتاج لمثل هذه الفحوصات، وكذلك الاتفاق بين طبيب وصيدلي، كأن يتحمل الأخير بدل إيجار العيادة التي يعمل بها الطبيب على أن يرسل الطبيب (الفاتورات) كافة إلى الصيدلي المعني، وهذه تشمل فاحص البصر والمختبر ومختبر الأسنان وغيرها، لتبدأ عملية ذبح وسلخ المريض لتعويض المبالغ المدفوعة سلفاً، ناهيك عن رداءة العيادات وقدمها وافتقارها لأبسط المستلزمات كالحمامات وبراد الماء والتبريد ومسطبات الجلوس، والأدوات المستخدمة في العمليات الصغرى التي لا تخلو من الصدأ، والحديث يطول عن الأساليب المروعة الأخرى، إننا نهيب  بالشرفاء كافة وضع حد لهذه الظاهرة السلبية التي عمت مختلف المحافظات،  بشكل قانوني لاسيما وان المريض مواطن عراقي، فضلا عن كونه انسانا، وجدت مهنة الطب لانقاذه والمحافظة على سلامته البدنية والنفسية، وليس ذبحه بهذه الطرق الوحشية، تحت يافطة الانسانية...   إننا وبكل أمانة نلفت انتباه السادة المسؤولين لهذه الظاهرة ونضعها بين أيديهم، من اجل القضاء عليها واعادة الاعتبار لشرف مهنة الطب، التي كانت دوما واحدة من الثوابت الاخلاقية والسمات الفارقة، التي يفخر بسموها الانساني، الوطن والمواطن قبل الطبيب على حد سواء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram