اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > بعد أن غزت الأسواق معادن أخرى..سوق الصفافير مهدد بالانقراض

بعد أن غزت الأسواق معادن أخرى..سوق الصفافير مهدد بالانقراض

نشر في: 20 يوليو, 2010: 06:28 م

ما بين المطرقة والسندان تخرج انغام رتيبة لا يمكن ان تسمعها الا في سوق الصفافير،  وتضيع كل الأصوات بين ذلك الضجيج المحبب، وهناك امثال عديدة  على ضياع الاصوات في خضم ذلك الضجيج! ونحن نتجول في  السوق  تنقلنا أصوات المطارق، الى اقدم اسواق بغداد العباسية، حيث صناعة الصفر المطاوع  لتخرج من بين الانامل الماهرة لوحات النحاس المنقوشة بنفائس الاثار التاريخية العراقية،
 يعود تاريخ السوق  الى العصر العباسي المتأخر، عندما كانت انية المطبخ للبيت البغدادي تعتمد معدن الصفر، الا ان معادن أخرى نافست الصفر منها الالمنيوم والفافون، ودخلت الماكنة،  لتغيب مهارة الانامل ورهافة الحس، ما جعل غالبية الصفارين الحرفيين يغادرون هذه المهنة التي توارثوها عن الآباء والأجداد، كما ان عدم الاستقرار السياسي ما غيب السواح عن المجيء الى بغداد والذين تستهويهم تلك الصناعات اليدوية الشعبية،  واقتصر عمل الصفارين في الوقت الحاضر على عمل اللوحات التراثية،الى جانب الدلال والمزهريات والمشربيات. صناعات اندثرتتعد صناعة الصفر من اقدم الصناعات الشعبية في العراق، كما عرف سوق الصفافير بقبلة السواح قبل عقود من الزمن،لما عرف عنه من بيع التحف والمعروضات النحاسية  التي تمثل الحضارات التي عاشت وازدهرت في بلاد ما بين النهرين،  الا ان السوق في الوقت الحاضر يشهد انحسارا كبيرا من زواره من السواح وغير السواح بسبب الحروب واعوام الحصار والوضع الامني المتدهور، وقطع جزء من  شارع الرشيدوجعله ممرا واحدا، ما حدا بالحرفيين المهرة الى ترك هذه المهنة التي توارثوها عن الاباء والاجداد، عند زيارتنا للسوق الذي كان من اشهر واكبر اسواق بغداد وجدنا بضعة محال فيه مفتوحة، ولكن بدون مطارق ولا ازدحام شديد كما كان في السابق، وكغيرها من الصناعات الشعبية اليدوية فقد نافست الماكنة اغلب تلك الصناعات وليست صناعة الصفر فقط، بل هناك صناعة السجاد اليدوي مثلا وصناعة العباءة الرجالية والفينة والسدارة، واذكر قبل اعوام كنا نبحث عن صانع (السدارة) لحاجتنا اليها في احدى المسرحيات، فوجدنا صانعا واحدا ظل محافظا على صناعة هذا الغطاء الرأسي والذي كان شائعا في بداية القرن العشرين. التقينا الحاج ابو محمد احد اقدم الصفارين الذي حدثنا عن مهنة الصفارين القديمة فقال: قبل بداية الالفية الثانية كانت مادة الصفرالمادة الرئيسة في صناعة اواني الطبخ،وكانت تجرى باليد وتعتمد المهارة والدقة، كما كانت هناك أوان انقرضت الان وهي (الركية) التي تستخدم من قبل النساء لحمل ادوات الاستحمام من (ليفة، صابونة، حجر الحمام)  وهي عبارة عن نصف كرة معدنية  تنغلق على بعضها مكونة كرة معدنية منقوشة بالزهور والاشكال الهندسية الجميلة، وكانت متواجدة في كل بيت لانها من هدايا العرس والتي تقدمها الام لابنتها عند الزفاف، والآنية الأخرى التي انقرضت هي  المشربة وتسمى أيضاً المصخنة والبكمة  وهي انية نحاسية تستخدمها النساء لنقل الماء من النهر الى البيت، اما الهاون فهو على نوعين الأول يستخدم لطحن حبوب القهوة ويكون متوسط الحجم والثاني اكبر بحافات عالية ويستخدم ل (دق الكبة) الى جانب الدلال العربية التي تستخدم في المضايف وكذلك  (السماور) الذي يستخدم لغلي ماء الشاي، ويشير أبو محمد الى ان الحكومة في العهد الملكي قد منعت استخدام أواني الصفر لأنها غير صحية وتصيب مستخدميها بالتسمم ذلك ان النحاس الاحمر يتفاعل مع الحوامض اثناء الطبخ، وعن أنواع الصفر يقول ابو محمد انه على نوعين الصفر الاحمر والصفر الابيض، واسم الصفر الاصلي هو النحاس الأحمر. ابو خولة صفار قديم هو الاخر قال: نطالب الجهات المعنية  ومنها  وزارة الثقافة وأمانة بغداد بالالتفات  والاهتمام بهذه الصناعة الجميلة التي تعتمد على المهارة والحس الفني المرهف، وعن الادوات التي تستخدم في صناعة اواني الصفر واللوحات فيقول ابو خولة: انها عديدة منها المطرقة المسماة (الجاكوج) وهو على انواع منه (ابو الدكمة، والمثلث، الرفيع) وانواع من الازميل الرفيعة والعريضة وهي على شكل بسمار تستخدم للنقش، والـ (طخماخ) الذي يكون على شكل كتلة كبيرة من الحديد الصلب بيد من خشب، يضرب بها النحاس ليكون مطاوعا يسهل قطعه او قصه، الى جانب عدد من المقاصيص منها الصغيرة الرفيعة والا خرى الكبيرة ولكل من تلك المقاصيص مهمته.rnهدايا عزيزةفي السوق مع قلة رواده والمتبضعين فيه التقينا المواطنة ساجدة الحيالي 45 سنة وهي مدرسة تريد السفر الى لندن لزيارة شقيقتها المغتربة هناك، تقول ساجدة: - اجد  أفضل الهدايا التي تقدم الى الأهل المغتربين في ارض الله الواسعة اللوحات التراثية المصنوعة من الصفر وخاصة تلك التي تذكرهم بتراث بلدهم، وقد اشتريت العديد من اللوحات الي تمثل الحضارة السومرية وهي لوحة القيثارة السومرية، والتي تمثل الحضارة البابلية لوحة لاسد بابل، والحضارة الإسلامية لوحات الملوية وقباب مساجد كل من كربلاء والكاظمية، وتشير ساجدة الى هناك العديد من اللوحات المستوردة منها اللوحات التركية  والإيرانية، إلا أنها تجد اللوحات العراقية الأصيلة هي الأفضل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram