عبدالله السكوتي يحكى ان ذئباً شاهد حملاً صغيراً يحاول عبور جدول ماء واسع وضحل ولم يقدر على العبور، فحمله على ظهره ليوصله الى الجانب الاخر، وعند وصوله الى منتصف الجدول قال له: (لاتعجج ياخريّف) ! فقال له الحمل: لايوجد عجاج، فماكان من الذئب الا ان اكله.
وهذا المثل يضرب لاختلاق الحجج الواهية ومااكثرها في وقتنا الحالي الذي نشهد فيه ازمة تشكيل الحكومة وتداعياتها، اطراف ذهبت شرقاً واخرى غرباً، والثالثة تناوشت دول الجوار القريبة لا لشيء –فقط- لاخذ المشورة في طريقة تشكيل الحكومة، فما الذي فعله الدستور حين وضع المادة 76 ذات النهايات العارية، فالقوم مختلفون على الكتلة والائتلافات، ايهما له الحق في تشكيل الحكومة، في حين وجدت المحكمة الاتحادية العليا ان تعبير الكتلة النيابية الاكثر عددا يعني اما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة، دخلت الانتخابات باسم ورقم معينين وحازت على العدد الاكثر من المقاعد، او الكتلة التي تجمعت من قائمتين او اكثر والتي دخلت الانتخابات باسماء وارقام مختلفة، ثم تكتلت في كتلة واحدة ذات كيان واحد، ايهما اكثر عددا، فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح الكتلة بتشكيل مجلس الوزراء. اما ماكان بشأن الاختلافات في الائتلافات، فقد كانت السيوف مشرعة، لتبقى دعوى القوي من اكبر الدعاوى كما قال الشاعر: ودعوى القوي كدعوى السباع من الناب والظفر برهانها ومن ثم تطور الامر لتدخل دول الجوار بشكل رئيس في قضية تشكيل الحكومة، وتأتي معها كثرة الجولات التي ستؤدي الى استخفاف الدول المجاورة بسياسيي العراق الذين مااستطاعوا التفاهم والبت بشأن داخلي مئة في المئة، لقد اجهضت الكثير من المشاريع التي دعت الى توحيد الرؤى والخروج من ازمة تشكيل الحكومة، وهذه المشاريع تفككت عراها بفعل فاعل، وكان لبعض الدول القدح المعلّى في عملية الاجهاض، وهو رهان قديم ابتدأ بالارهاب ولن ينتهي باستمالة السياسيين. ومع هذا نكاد نجزم ان الامر اذا ما بقي متعلقاً بالمصالح الدولية في العراق فلن تكون هناك حكومة، لان ارادة هذه الدول هي ضد التوجه الديمقراطي، مايدعو الى اخذ الحيطة والحذر من الخطط الرامية الى رمي اصوات العراقيين، لتكون المرحلة المقبلة اكثر فشلاً حين يفقد الناخب العراقي ثقته بمصداقية الكتل التي تمثله، وبالتالي فهي استدارة على مشروع العراق في انشاء دولة ديمقراطية، يكون الشعب فيها سيد الموقف، يختار ممثليه بحرية تامة خالية من المؤثرات الخارجية، ونخشى ان تكون عملية التدخلات الخارجية قد اعد لها لتكون بديلاً عن تصدير الارهاب بعد انسحاب القوات الاميركية على اعتبار ان لامسوغ للارهاب بعد انسحاب هذه القوات، وسيكون مشروع التدخلات الخارجية في تشكيل الحكومة مستمرا للسنين المقبلة، وهو بديل ملائم للقضاء على الروح التي بدأ العراقي يتمتع بها بعد عهود من الدكتاتورية والتسلط، وحكاية الذئب مع الحمل ستتكرر كثيراً، بحسب ظن الحمل الحسن لمايدور في ذهن الذئب، وهي مصادفة عجيبة ان يثق الحمل بالذئب، وهو يعلم انه آكله في اي حين، ولكنها غفلة ربما توقع الحمل فيها ان اخلاق الذئاب تتغير، او ربما يحظى بفرصة صداقة لم تسمح بها الطبيعة حيث جعلت الاول آكل والثاني مأكول، ومازلنا نستغرب كثيرا حين يصافح الحمل الوديع الذئب المفترس، وخير مايمثل الحال التي نحن فيها من عدم توافق والفة والاختلافات المتعددة بين هذا وذاك قول الشاعر: (علامك لاومه ايردك ولنده جفيت ولاعرك وجهك ولنده تصاحب بالهند صاير ولنده وانا اخيّك تضيع العرف بيّه)
هواء فـي شبك ..(لاتعجج ياخريّف)
نشر في: 20 يوليو, 2010: 09:29 م