وديع غزوانتعرضت الطفولة عندنا في العراق، ومن ضمنه كردستان، الى ظلم مزدوج ومركب، من المجتمع ممثلاً بالعائلة التي اضطرتها الظروف القاهرة الى سوق أبنائها قسراً الى سوق العمل، ومن القوانين التي ظلت عاجزة عن حماية طفولتهم من الضياع،
قد يتباين هذا الظلم من منطقة الى أخرى ومن زمان الى غيره، لكنه يبقى واحداً في معناه، وقاسياً ومراً يترك ندوباً في الروح من الصعوبة إزالتها، ومحظوظ من يتخطى الآثار السلبية الكبيرة، فيكتفي بما قسمه الله له من نصيب في الحياة، دون ان ينحرف تحت ضغط قهر سنوات كاد اليأس فيها يبلغ مداه، ولأسباب معروفة تخطى أطفال كردستان في السنوات السابقة أحلامهم الطفولية البريئة،عندما وضعتهم الأنظمة السابقة في حساباتها لتحقيق هدفين الأول الانتقام من العوائل الكردستانية المناهضة لظلمها، وإصرار هذه العوائل على الكفاح من اجل عراق يتمتع كل أبنائه بالمساواة والثاني بقطع أهم مقومات استمرار الثورة في كردستان، فتعرضت الطفولة الى أقسى ما يمكن ان يتعرض له إنسان، فكانت ترى وتعيش واقعاً مريراً متحملة مآسي وظلماً قل نظيره.ويكفي ان نستذكر صور عمليات الأنفال وبشاعتها، لندرك مدى الجريمة التي ارتكبت بحق الطفولة في كردستان بشكل خاص وفي بقية مناطق العراق عموماً.اليوم ومع الفعاليات والأنشطة التي أقامتها دائرة ثقافة الأطفال التابعة الى وزارة الثقافة الاتحادية، بمناسبة ذكرى استشهاد 34 طفلاً في بغداد الجديدة بفعل عصابات الجريمة الإرهابية، لابد من ان نتوقف عند حقوق هذه الفئة العمرية البريئة، ومدى القوانين التي شرعت لحمايتهم، وعدد من حرم منهم من ضوء الشمس ورزح في غياهب السجون وهو ما زال رضيعاً، بسبب اعتقال ذويه وعدم وجود مؤسسة كفيلة برعايته، ناهيك عن عدد المعتقلين من الأحداث، ودور منظمات المجتمع المدني في كل ذلك، خاصة ان بعض القائمين عليها انتهز فرصة التخبط بعد نيسان 2003 فانشأ منظمات للطفولة لغرض المنفعة حسب، مع إجلالنا للمنظمات التي كانت أمينة على رسالتها . نقول لابد من ان نتوقف عند كل ذلك من اجل مراجعة منصفة وعادلة نستبين من خلالها مدى قرب او بعد ما موجود من قوانين وتشريعات بحق الطفولة عن التوجهات لبناء عراق ديمقراطي جديد؟!ومع ان القوانين وحدها لا يمكن ان تؤسس لعملية كهذه اذا لم تستند الى وعي مجتمعي، فان تشريعها قد يعطي رسالة عن جدية الاهتمام بالمستقبل الذي لا يمكن ان يتم بمعزل عن الطفل.ولابد لنا من ان نشير الى الدور المتوقع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم كردستان في هذا المجال على نطاق الإقليم. في ضوء خطتها لإجراء إحصاء عن عدد الأطفال العاملين، ومطالبة وزيرتها آسوس نجيب، بتشريع قانون لمحاسبة أولياء الأمور الذين يجبرون أطفالهم على التسول بعد دراسة كل حالة عن قرب لضمان تطبيق العدل وعدم الظلم، خاصة وان مثل هذا الموضوع مرتبط بالظروف العامة للمنطقة والوضع المعيشي لها، الذي ينبغي ان يعالج أولاً . وبصراحة ان حرص المسؤول في المشاركة بأنشطة متعلقة بوزارته، اذا كانت نابعة من وجود الحافز والإيمان بالعمل قد تؤدي الى نتائج اكبر، من اكتفائه بإصدار التعليمات والأوامر الإدارية.ومع ان مشوار وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ما زال في بدايته، فان بواكير الأنشطة تبشر بخطوات وإجراءات تصب في خدمة الطفولة والشباب.الطفولة تستحق منا الكثير لانها عنوان المستقبل.
كردستانيات ..الطفولة والمستقبل
نشر في: 21 يوليو, 2010: 07:32 م