 عبدالله السكوتيكان يشكو من الزمان ويتذمر، خصوصا بعد ان اجتزنا سيطرة طريق بعقوبة القديم، جلس بجانبي يعدد سيئات الدنيا ومكرها وغدرها، قلت له :(احميد الفهد) لم ارك متشائما مثل هذا اليوم، وما ان اكملت كلامي، واذا (بكفخة) تراب تأتي من نافذة السيارة، ماحدى بالرجل الى ان ينزل (يشماغه)، ويتنقب به؛ ردّ علي بتهكم، حصلت على اجابة لسؤالك!
 كان بقربي احد زملائنا الذي رافقنا في رحلة للمواساة، كان قد قدم الاسبوع الماضي من احدى الدول المجاورة، قال: ماادهشني هناك سرعة العمل، اذ لم تكد ترى الآليات في الليل حتى تستيقظ صباحا على شارع معبد بالكامل، هنا تدخل احميّد الفهد وهو يقول: اتعلم انه صدق من قال :(الناس تاكل بالعثك، وآنه نصيبي الطايحه)، قلت وماقصة هذا الشطر من الشعر، قال هو كناية عن الشكوى من سوء الحظ، وكذلك هو اشارة الى اصحاب الحظوظ الذين يأكلون خيار التمر يلتقطونه من العثك، بينما غيرهم يتناول التمر (الطايح)، حتى قال الشاعر متمثلا: (الناس كل يوم اليمر           تاكل الخستاوي تمر والداعي كاسات الصبر       اجرع اوروحي رايحه الناس تاكل بالعثك            وآنه نصيبي الطايحه) سألته بخبث: اترى من اكثر ايلاما للنفس هم الوطن والناس ام همها هي؟ فقال: تعرف موقفي فانا لست مع من يقول: (اذا متّ ظمآنا فلانزل القطر) ونظرة سريعة لاحوال الوطن تعطيك الاجابة؛ نحن نعود الى الخلف بسرعة مذهلة، الهموم الشخصية تهون، والتحسن المالي الذي يصيب الفرد لايمكن الشعور به او مباركته، اذا ماكان المجموع جائعا ومتعبا ومريضا وجاهلا، حتى غدت تذهلنا قفزات العالم المحيط بنا تكنولوجياً وطبيا، في حين عدنا نعرض مرضانا على الشيخ والسيد وتأتيك دعاوى هذا ممسوس وذاك (مسكي)، ومن المؤسف اننا نعمل مارفضناه قبل 40 عاما، ولكن مانفعل... المد اقوى وعاد الى الواجهة ثانية نتيجة التخلف الطبي الذي نحياه؛ قلت له: الا ترى انك تتكلم عن قضية شخصية ربما تركت آثارا نفسية عليك؟، فرد بالنفي فالقضية عامة لان المؤسسات الصحية اصبحت كالمجازر، وانت تعلم كم مرة هربنا خارج الردهات نحو الله ندعوه بالعراء لأن التيار الكهربائي انقطع عن صالة العمليات، وابو المولدة لايشغل الا بعد مرور(15) دقيقة خوفاً من عودة تيار الوطنية؛ حاولت ان انتشله من هذا الموضوع واعرج به على تدخلات الدول المحيطة بالعراق بتشكيل الحكومة، فقال: صدقني (هذي مثل ذيج)، الاهمال والفوضى حين يدبان في المجتمع لا يستثنيان احدا، والذي يعد نفسه متحصنا من سوء الخدمات او تداعيات تشكيل الحكومة فهو على خطأ ، ودعنا من تشكيل الحكومة فهي ايضا محكومة بخطط مدروسة وتدخلات محسوبة ونزاعات ستعرض وتطول، وشخصيات تهرول لاقناع المحيط، في حين ركن الشعب وصوته على رفوف مجلس النواب، المهم فعل الشعب مامطلوب منه واعطى صوته، وكأن الامر لعبة دومينو ونحن نقاط في سجلات البعض، كسبوا اصواتناً، ونادوا باستحقاقهم لرئاسة الوزراء، وعقّب احميّد الفهد: اتعلم اننا نعيش بهوامش حياتية بسيطة لاتتعدى كوننا ندخل المطبخ ، لنذهب بعدها الى الحمام مايعني ان دورة حياتنا في العراق تبتدئ هنا وتنتهي هناك ، ولاعليك من ابداعات الفلاسفة في الحمامات، لاننا لانبدع شيئا في هذين المكانين، على عكس ماقال احدهم في مقال في احدى الصحف من ان اوربا تتقدم علينا لانها تمتلك الحمامات الغربية وهي تتيح للذي يدخلها ان يجلس مرتاحا ويفكر براحته، وهي خير من التركية القديمة التي لاتعطي مساحة للتفكير، ضحكت وعذرت صاحب المقال، لانه من المؤكد ان ابداعاتنا في الحمامات ستكون مصحوبة برائحة غير سارة، وربما يكون المقال سببا في اصابة القارىء بامراض متعددة.