اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تقارير المدى > ما لا تعرفونه عن عصير (الحاج زبالة)!

ما لا تعرفونه عن عصير (الحاج زبالة)!

نشر في: 23 يوليو, 2010: 07:50 م

ترجمة: عمار كاظم محمد محل لعصير العنب.. يبلغ عمره مائة عام، قدم خدماته للحكام والسياسيين والمشاهير والعامة، وهو باق على مستواه رغم ان العالم من حوله تغير. بقي هادي ابو احمد في محله لعصير العنب في قلب بغداد مثل رجل ينتظر ان يحدث شيئاً مثيراً، ويبتسم كما لو ان هناك سراً او مزحة تسليه.
كان يضع بضعة اقداح في "صينية" وهو يسرد لنا ذكريات عصير "حجي زبالة".يقول عن هذا العصير انه شراب العائلة، وهو يحتوي على العنب فقط، وليس فيه اية اضافات او نكهات.. وقد ربح هذا العصير استحساناً لدى العائلة الملكية من قبل.. بالاضافة الى ممثلين ومطربين ومشاهير وجنود اميركيين، وعلى مر السنين كان قدر محل الحاج زبالة ان يعكس صورة بغداد، فالعالم خارج المدخل المقوس  لمحل ابو احمد في الوقت الحاضر هو لا شيء مثلما هو المحل حينما كان في عنفوانه. شارع الرشيد بأعمدته الحجرية المحفورة، وشرفاته المعدنية الرائعة، يأفل ويجلس اصحاب المحلات بكسل في هذه الحرارة اللاهبة حيث تتفحص عيونهم المخابز والمقاهي نصف الفارغة، التي كانت تعج بالزبائن، التي صارت الآن سوداء بخشبها والواحها.  يقول ابو احمد: "لقد كان هذا الشارع من اشهر شوارع بغداد".وحتى لو تركت المدينة شارع الرشيد وراءها، فان هذا الرجل الهادئ النحيف البالغ من العمر 55 عاماً بشعره الرمادي يرفض قبول زواله قائلا "نحن لا نفكر ابداً بترك هذه المهنة، فنحن نعدها تاريخنا".في الوقت الحاضر.. تنتعش المدن في شمال وجنوب العراق بعد سقوط النظام الديكتاتوري، حيث تزدحم شوارعها المركزية بالسابلة حتى المساء، لكن العاصمة هي ظل لنفسها، حيث لم تعد بغداد تفخر بشوارعها العريضة المزدحمة، مثلما كان شارع الرشيد ذات مرة، اذ ان الناس مازلوا ملتصقين بمناطقهم الآمنة المعزولة . حتى ابو احمد يعرف ان حظه سيئ، لأن الزمن قد كسر موقع محله السعيد في الثمانينيات من القرن الماضي، حين تدهور العمل بعدما اخذت الحرب العراقية الايرانية الكثير من الرجال الى الجبهة، واغلق الديكتاتور الجسور التي تؤدي الى قلب المدينة، وفي التسعينيات فقد شارع الرشيد المزيد من الزبائن، حينما ترك العراقيون من الطبقة الوسطى البلاد، وبعد السقوط مباشرة تحول مركز المدينة الى مكان للصوص والمجاميع المسلحة، الا ان تقديره لمحله ساعد عائلة ابو احمد على النجاة من تلك الايام القاتمة. هوس الماضي دفع عائلة ابو احمد إلى ان تصنع من محل لبيع العصير (ضريحاً) لشارع الرشيد في احسن ايامه، حيث العشرات من الصور باللونين الابيض والاسود قد علقت على جدرانه الوردية، وكانت هناك صورة لوالد ابو احمد (الحاج زبالة) الذي منح للمحل اسمه، ويبدو في الصورة وهو يبتسم نصف ابتسامة، وتروي بقية الصور قصة عمل هذه العائلة الذي بدأ منذ عام 1900.الشارع تم تكونيه ايام العثمانيين، واكتمل ايام الانكليز عام 1917، واعطى مركز بغداد اول شارع حديث، كان شارع الرشيد يحتوي على مقاهي ومحلات واسواق ووزارات الدولة في ذلك العهد، وكان (الحاج زبالة) وعماله ينشدون وينقرون على الصواني من اجل اجتذاب الزبائن.حينما تجمع الناس للاحتجاج على الحكم البريطاني، فقد تم هذا الاحتجاج في هذا الشارع، حيث انهم كانوا يعرفون دائما انهم سيحصلون على  قدح من شراب العنب الذي يصنعه.وحتى ان الطبقات الراقية وصانعي القرار في ذلك الوقت قد جربوا عصير (الحاج زبالة) ومن بينهم نوري السعيد رئيس الوزراء انذاك، والذي كان يركن سيارته عبر الشارع قرب المحل، ويجلبه الحاج زبالة بنفسه اليه.. وكذلك الزعيم عبد الكريم قاسم الذي اسقط الحكم الملكي في عام 1958 كان من الزبائن المترددين الى المحل، ويتذكر ابو احمد مصافحته للزعيم حينما كان صبياً.وكان ابو احمد مولعاً بكلا الرجلين، وليس لديه قلقاً بشان موت نوري السعيد على أيدي مؤيدي الزعيم قاسم، او اعدام قاسم بعد سنوات قليلة من ذلك. كانت الصور على الحائط –ايضاً- تروي قصة بغداد القديمة، حافلات الباص ذات الطابقين التي كانت تملأ الشوارع.. وكانت هناك صور لفرق كرة القدم البغدادية القديمة، وصور لممثلين عراقيين كوميديين اشتهروا في الخمسينيات، واخرى لمغنين للمقام العراقي. لايوجد في الوقت الحالي صور للسياسيين العراقيين من شخصيات اليوم وحينما سألنا ابو احمد عن السبب، قال: "المسؤولون لا يأتون الينا، فكيف يمكن ان اضع صورهم  وهم ربما لا يعرفون عن عصيرنا شيئاً". يبقى ابو احمد عنيداً فيما يتعلق بعمله، ففي كل انحاء بغداد كانت مناضد محلات العصير مزينة باهرام من البرتقال والرمان، ولكن هذا غير موجود في محل (الحاج زبالة) الذي يقدم فقط عصير العنب، فالعائلة تؤمن بقدرات هذا العصير على شفاء العديد من الامراض، فهو جيد للاضطرابات والصداع وفقر الدم وامراض القلب ومشاكل المعدة. ويحصل محل (الحاج زباله) على مادة الزبيب من اقليم كردستان، حيث يرتحل افراد العائلة الى اربيل عدة مرات في العام للبحث عن مزارع العنب وكانوا عادة ما يعصرون العنب باليد لكنهم في التسعينيات صمموا ثلاث مكائن فضية لامعة للقيام بالمهمة . ابو احمد لا يحترم الطرق المختصرة التي يقوم بها الآخري

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

مقالات ذات صلة

بعد هدوء نسبي.. الصواريخ تطال قاعدة عين الأسد في العراق دون إصابات

بعد هدوء نسبي.. الصواريخ تطال قاعدة عين الأسد في العراق دون إصابات

متابعة/ المدىقالت مصادر أميركية وعراقية إن عدة صواريخ أٌطلقت -الليلة الماضية- على قاعدة عين الأسد الجوية التي تتمركز بها قوات تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، دون أنباء عن سقوط ضحايا أو وقوع...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram