علي حسين الضباط الذين يتورطون فى تهريب الارهابيين، المسؤولون الذين يعبثون باموال الدولة ويعدونها مالا خاصا، لماذا يعيشون آمنين مطمئنين يتمتعون بما أغدقت عليهم مناصبهم من مال ورفاهية؟، سؤال يطرحه الناس كل يوم وهم يقراون ويشاهدون ويسمعون عن قضايا فساد ومخالفات امنية قاتلة ينجو أصحابها من سيف العدالة.
ولان العدالة أساس بناء مجتمع معافى، فان المواطن سيبقى يشعر بالغربة وهو يرى ان العدالة لاتطبق بمعاييرها الحقيقية. لا يقتصر تأثير العدل على المتهمين والمظلومين وإنما يمتد إلى الناس جميعا.. الإحساس بالعدالة هو الذى يطلق طاقات الإنسان ويحثه على العمل ويجعله يحلم بمستقبل اكثر استقرارا. العدل معناه وجود مجموعة من القيم الإنسانية المتفق عليها تنعكس كلها فى قوانين يتساوى الناس امامها..للاسف هذا المفهوم للعدالة لم يعد موجودا عندنا. وللاسف اكثر لاتوجد قوانين واحدة تسرى على الجميع.. بدءا من مخالفات المرور وحتى جرائم النصب والاحتيال واستغلال المنصب وانتهاء بجرائم ترهيب الناس وقتلهم. من أنت وما قوة علاقتك بكبار المسؤولين، كلها عوامل حاسمة فى تحديد القانون الذي ستحاسب على أساسه. كل شيء أصبح وفقا للظروف وللمحسوبية والخطأ لا يؤدى بالضرورة إلى العقاب، ملايين الفقراء يدفعون ضرائب يومية عن فقرهم بينما لصوص اليوم يصنعون الثروات الضخمة ولايجرؤ أحد حتى على سؤالهم من أين لكم هذا؟دائرة النزاهة عندنا إذا ضبطت موظفا صغيرا مرتشيا تسارع بتقديمه للمحاكمة، أما إذا كان المرتشي وزيراأومسؤولا كبيرا فإن الأجهزة الرقابية تكتفى بأن تقدم تقريرا بانحرافه إلى مجلس النواب الذى يفعل عندئذ ما يشاء، إذا أراد حاسبه وإذا أراد وضع التقرير في اقرب درج للنسيان..أينما وليت وجهك ستجد ظلما فاحشا، ستجد من يأخذ شيئا لايستحقه وآخرين محرومين من أبسط حقوقهم. أينما نظرت ستجد محسوبية ووساطة ورشاوى واستثناءات.هروب عتاة الارهابيين شكل جديد من اشكال الفساد المالي والاداري والذي سيضاف الى قائمة الافعال التي يتفرج عليها القانون. .. مشكلتنا اليوم ليست فى الفقر ولا الإرهاب فقط.. مشكلتنا تتلخص فى كلمتين: غياب العدالة.إن الظلم أصبح ببساطة أكبر من طاقتنا على الاحتمال. لن يستعيد الناس إحساسهم بالانتماء وطاقتهم على العمل إلا إذا استعادوا احساسهم بالعدالة ولا يمكن للعدالة أن تتحقق فى ظل الرشوة والانتهازية والمحسوبية.
العمود الثامن ..حين تغيب العدالة
نشر في: 25 يوليو, 2010: 06:59 م