TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن.."عـفـيـــــة "

العمود الثامن.."عـفـيـــــة "

نشر في: 26 يوليو, 2010: 05:21 م

علي حسين الشاعر الساخر والصحفي الملا عبود الكرخي، ظاهرة قلما تتكرر في عالم الشعر  ودنيا القلم والكتابة، فقد عاش الرجل  رحلة طويلة بمفارقاتها وصراعاتها فاستطاع من خلالها الغوص إلى قاع المجتمع حيث البسطاء من الناس وهموم الحياة واللهاث وراء أبسط متطلبات الحياة.
هناك كثيرون من الشعراء والكتاب يعيشون حياتهم العادية، ثم عندما يريدون أن يكتبوا فإنهم ينفصلون عن الحياة ويعتكفون من أجل الكتابة.. والكرخي لم يفعل ذلك أبداً.كان يكتب وهو يعيش فلم يكن  أدبه نابعاً من الحياة كما يقال.. أنه الحياة نفسها، تلك الحياة التي عاشها واكتوى بنارها،لم يعرف الهدوء والعزلة أو الأبواب المغلقة والنوافذ المسدودة، فالحياة عنده لا فرق فيها بين البيت والشارع  أو بين العمل والعلاقات الإنسانية المختلفة.. عاصر حربين عالميتين، وكان شاهد عيان على أحداث  وسنوات جسام، ظل فيها حاضراً بشكل يومي ليصبح وبجدارة ضمير شعب بكامله، من خلال قصائد ساخرة  اصبحت ملاذ الناس ومضرب أمثالهم. في بدايات القرن الماضي عندما لم يجد الكرخي في مجلس النواب حينذاك، من يمثل الشعب بشكل صادق وحقيقي، كتب فيهم قصيدة أصبحت مثلاً حتى يومنا الحاضر عنوانها (قيّم الركَاع من ديرة عفج) يقول: برلمان أهل المحابس والمدس  عكّب ما جانوا يدورون الفلس هسة هم يرتشي وهم يختلسولو نقص من راتبه سنت انعقج قيّم الركّاع من ديرة عفجكمت ماعرف حماها أمن الرجل ياهو التكضة أهو ايمثل العدل وكَمنه نستورد الشلغم والفجل لان كلها ظلت اتدور ودج قيم الركّاع من ديرة عفج   وهي قصيدة مؤثرة لأنها وإن عبرت عن مرحلتها، فإنما تعبر بصدق عما يسود الأجواء التي نعيشها الان. لقد استطاع الكرخي ان يحول المعارضة إلى سخرية من الفساد والحكام المستبدين والخارجين على الخط، بمفرده امتلك قدرات لفظية وعقلية ما زلنا نعيش عليها، ولهذا وجدت كتاباته استجابة عند كل الناس، حيث لمست قلوبهم وخيالهم وفكرهم.قال عنه صديقه الرصافي  (يخطئ من يظن أن الكرخي سليط اللسان.. إنه سليط العقل والذكاء). في هذه الأيام العصيبة نتذكرك يا كبير الساخرين وجليس الضعفاء يا من كنت بسمة على وجوه الفقراء يا من عشت  حياتك  بسيطا تدافع عن الضعفاء،لم تنتظر من مسؤول ان يقول لك  (عفية)، رحمك الله يا عمنا عبود الكرخي فقد كنت مبدعا ساخرا أضحكتنا لأنك بكيت علينا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الأنواء الجوية: ارتفاع في درجات الحرارة الاسبوع الحالي

الكويت تنفي تدهور الحالة الصحية لسلمان الخالدي الذي تسلمته من العراق

ترامب: نريد 50% من ملكية تطبيق تيك توك

القوانين الجدلية على جدول أعمال البرلمان يوم غد الثلاثاء

هل أخطأ البرلمان بعدم حل نفسه مبكراً؟

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram