كنت مارا بأحد اسواق منطقة الشورجة في سنة من سنوات الثمانينيات، وكان سوق دانيال لبيع الاقمشة، فلفت نظري حشد من الناس يتحلق حول محل لبيع الاقمشة، وتقف في بابه مجموعة من الرجال الانيقي الهندام، وهم منهمكون بتوزيع محتويات المحل من الاقمشة على جمهور المحتشدين، وبصورة مجانية، ولما استفسرت من احدهم اجاب
ان صاحب المحل يبيع القماش فوق التسعيرة الرسمية، وهؤلاء الامن الاقتصادي يستبيحون محتويات محله عقابا له، وصاحب المحل ذاك الجالس هناك.. واشار الى رجل منكسر يقتعد الارض بعيدا عن الحشد المتدافع..حين اذكر تللك الواقعة تنتابني مشاعر مضطربة، فمن جهة اجد ان صاحب المحل ذاك كان قد استغل الناس وباعهم سلعهم فوق التسعيرة الرسمية، الامر الذي يستوجب معاقبته، ومن جهة اخرى كان المشهد مأساويا اذ (تفرهد) ماله كله، امام ناظريه من دون ان يحرك ساكنا..واجد ان العقوبة كانت قاسية بنحو شديد. اليوم وبعد الخصخصة، لا بأس ولكن اسواقنا اليوم بأمس الحاجة لاعادة عمل جهاز الامن الاقتصادي ليس للتنكيل بالمواطنين وانما لحمايتهم من المتلاعبين، بمصائر الناس واستنزافهم عبر فنون الغش التجاري المتفشية في كل زاوية من الاسواق.المحرر
انتباه
نشر في: 26 يوليو, 2010: 06:05 م