TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > وزير إعلام الدولة

وزير إعلام الدولة

نشر في: 27 يوليو, 2010: 06:52 م

فريدة النقاشسعدت جدا بتصريح لوزير الإعلام «أنس الفقي» قال فيه إنه ليس وزير إعلام الحكومة، أو وزير إعلام الوزراء وإنما هو وزير إعلام الدولة، فكم هو متأخر جدا هذا الإعلان.. متأخر ربما أكثـر من خمسين عاما هي عمر التلفزيون المصري، متأخر لنصف قرن ويزيد،
وتحديدا منذ قيام ثورة 1952 التي انتهجت طريق الحزب الواحد سياسيا، وهو الحزب الذي سيطر كلياً على الإعلام مقروءا، ومسموعا ومرئيا، وكان إعلاما موجها لصالح الحكومة وأداة مباشرة لها.وكان حصاد الهيمنة على الإعلام من قبل النظام الوطني الناصري حصادا مريرا، أفاق عليه الشعب المصري حين وقعت الهزيمة الفاجعة عام 1967، وكان الإعلام حتى ذلك الحين قد رسم صورة وردية لكل من الواقع اليومي لحياة المصريين والسياسات التي انتهجتها الحكومة، وحجب كل إشارة إلى سلبيات التجربة التي كانت قوى سياسية قد نبهت لها ثم دفعت ثمن رؤيتها، وكأنها زرقاء اليمامة التي تنبأت بما هو آت ورأت الأبعد، وكان الشيوعيون المصريون علي رأس هذه القوى التي شاءت حينها أن تساعد الثورة - التي ساندتها - لكي تتغلب على أخطائها وتفتح الباب لمشاركة شعبية حقيقية لا شعارية.باختصار لم يكن الإعلام الرسمي - كما أنه ليس الآن - إعلاما للدولة المصرية بكل مكوناتها، ولكنه كان وبقي إعلام الحكومة، فجري الخلط المقصود بين الدعاية التي تحولت أجهزة الإعلام بمقتضاها إلى أبواق، والإعلام الذي يبحث عن الحقيقة موضوعيا ودون تزويق، ليصل بها إلى أوسع جمهور فيضيؤها من كل زواياها، ويحلل مكوناتها ويتيح الفرصة لكل القوى الاجتماعية سواء كانت ممثلة الحكومة أو خارجها، سواءكانت جزءاً من مكونات السيطرة الطبقية أو مناوئة لها باسم الطبقات الشعبية، ذلك أن الدولة - وليست الحكومة - هي ساحة صراع بين الطبقات.وتبقى الدولة المصرية على ملكية وسائل الإعلام الجماهيري - الإذاعة والتلفزيون - وتسيطر عما يزيد على 90% من الصحف أو الإعلام المقروء، بينما تتخلص من ملكية نسبة متزايدة من وسائل الإنتاج الأخرى، وتطلق يد الملكية الخاصة فيها.وتضع الدولة نفسها هنا في تناقض صارخ لأن ملكية الدولة هي أول شكل من أشكال الملكية الجماعية، ويؤسس انتقال ملكية الأصول إلى الدولة، لعلاقة إنتاج فريدة من نوعها تقوم بفرض نفسها على المؤسسات المعنية مجسدة الفكرة التي تقول إنها دولة الشعب كله.ومن المفترض والوضع كذلك أن تخضع هذه الوسائل الإعلامية باعتبارها ملكية جماعية إلى مراقبة جماهيرية، ويكون للمتلقي فيها حق المساءلة والرفض والقبول والاختيار، بل إن هذا المتلقي وهو جمهور واسع من كل الطبقات سائدة ومسودة يصبح طرفا في صراع الوجود داخل هذه المؤسسات التي تصبح غريبة عن أصحابها بمجموعهم حين تنحاز للطبقة المسيطرة وتنطق باسمها وحدها، لأن العاملين بها حتى وإن كانوا أفرادا غير منظمين في أشكال جماعية نقابية أو غيرها هم قادمون في الغالب الأعم من قلب الطبقات الشعبية والوسطى التي لا تمثلها الحكومة.إن الدولة بهذا المعنى - أي كملكية جماعية لكل الناس - تسعى إلى خلق إجماع بين الطبقتين السائدة والمسودة، وفي سبيل هذا الهدف تتخذ سلسلة من التدابير المادية الإيجابية بالنسبة للجماهير الشعبية، أي أنها بحكم فلسفة وجودها تقوم بالإسهام في صناعة الواقع وتحويله.وترجمة تصريح وزير الإعلام «أنس الفقي» أنه وزير إعلام الدولة تفرض عليه لا فحسب إتاحة فرص جدية لا شكلية - أي من باب إبراء الذمة - لكل الأحزاب والقوى الاجتماعية والحركات الاحتجاجية والتشكيلات الثقافية للتعبير عن نفسها بالدرجة من الحرية التي تؤهلها للوصول بأفكارها ورؤاها لأوسع جمهور ممكن.. ولكن على أن تحظى هذه المؤسسات بنفس المساحة التي يحظى بها الحزب الحاكم في هذه الوسائل الإعلامية لأنها - نظريا - هي ملك الشعب كله.بقي أنه نتيجة لهذا التاريخ الطويل من الإلحاق الدعائي لأجهزة إعلام الدولة بالحكومة أصبح العاملون بهذه الأجهزة موظفين بيروقراطيين وغالبا مذعورين خوفا من الإيذاء، وهناك حاجة ماسة الآن خاصة بعد بروز الإعلام الجديد ومساحة الحرية التي يتمتع بها إلى إتاحة الحرية للعاملين في إعلام الدولة وتأمينهم ضد البطش الأمني والسلطوي لكي يبدعوا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram