سناء حسين الداوودييعرف العنف على انه (الاستخدام الفعلي للقوة المادية أو التهديد باستخدامها) ويعد العنف مرافقاً للكراهية والرغبة في التدمير وإيذاء الآخرين, ويطل العنف على الشعوب من نافذة التطرف في المواقف واعتقاد البعض أفرادا أو جماعات بأنها المالكة الوحيدة للحقيقة.
الأمر الذي يجعلها تلغي ما لدى الآخرين من حقائق فيتحول التطرف إلى حصار وقطيعة مع الطرف الآخر وقطع الجسور معه واستحالة التفاهم والالتقاء. والمتطرف يعيش حالة من العزلة عن أفكار وآراء الآخرين ويصبح من الصعب إقناعه أو تغيير آرائه المتطرفة.وهناك عدة أنواع من العنف أهمها العنف السياسي والاجتماعي والطائفي والثقافي. أما العنف السياسي والذي يستخدم لتحقيق أهداف سياسية معينة فهو يطلق على الأعمال والممارسات التي تقوم بها أحزاب او حكومات أو النظام السياسي أو قوى سياسية ضد أفراد أو مجموعات. متخذة أشكالاً عدة كالقتل والضرب والاعتقال والتنكيل ..الخ. وكذلك يمكن تعريف هذه الممارسات بأنها مجموعة من الممارسات تخدم أساسا أهدافاً موجهة كطمس هوية مكون اجتماعي (حزب, طائفة, قومية, دين) عبر ممارسات قسرية تؤدي إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وهي ممارسات مقصودة لمحاولة تهيئة الأجواء المناسبة والمشجعة للعنف السياسي بطرائق مباشرة ما يسهم في تعزيز الاضطرابات الاجتماعية وزيادة التباعد بين المكونات.من اجل ذلك نجد ان مظاهر العنف اليوم تظهر في الدول المتأخرة من دول العالم الثالث أكثر من ظهورها في دول العالم المتحضر لأن العامل الثقافي هو الأكثر تأثيرا في سلوك الإنسان كما يقول عالم النفس (سكنر) (فان العنف يبدأ في الرؤوس قبل الفؤوس) هذا بالتالي يعني ان وراء العنف ثقافة معينة تغذيه وتؤسس له وتحركه وتوجهه باعتبار إن الثقافة هي المرجعية الأولى للسلوك والمواقف الاجتماعية والسياسية والأفكار التي يؤمن بها البعض وهي الإطار الذي يؤطر سلوك الأفراد والجماعات.. ولو عدنا إلى العقود الثلاثة الماضية قبل سقوط النظام الدكتاتوري في العراق لوجدنا إن جميع المؤسسات فيه كانت تسعى إلى نشر ثقافة معينة وهي ثقافة الحزب والقائد بعيدا عن كل الثقافات الأخرى التي حوربت في تلك الحقبة وبعيدا عن تقبل الرأي الآخر أو احترام الطرف المقابل وبالتالي تهميشه ومحاولة إقصائه بشتى الممارسات التي ذكرناها ضمن ممارسات العنف السياسي.فلقد مارس ذلك النظام عنفا سياسيا لسحق منافسيه والانفراد بالرأي والسلطة على مدى فترة حكمه الطويلة فشهدنا اعتقالات واسعة ضمن صفوف المعارضة وحتى ضمن صفوف الأصدقاء الذين كان لهم مجرد رأي آخر قد يتناقض مع رأي الحزب أو فكر القائد.وبعد سقوط الصنم ونظامه في التاسع من نيسان من 2003 وسقوط دولة الحزب الواحد والقائد الضرورة وما تبعها من انهيارات سريعة لمفاصل الدولة.تحطمت قوات ذلك النظام ولم تعد تمثل مؤسسات حزبية او حكومية سياسية ولم يعد بامكانها ممارسة العنف السياسي تحت جلباب الدولة بل تحولت إلى مجموعات إرهابية ورثت ثقافة النظام السابق في استخدامها للعنف ضد كل من يحمل رأيا مخالفا لها .فأضافت من خلال عنفها السياسي محاولة جر البلاد إلى عنف آخر هو العنف الطائفي في محاولة لتأجيج الحرب الطائفية بين أبناء البلد الواحد خدمة لمصالحها السياسية... ومن الجدير بالذكر إن المشهد السياسي الحالي في العراق يشهد أعمال عنف، يرى المراقبون ان معظمها تعد من هذا النوع الذي يعده البعض ضغطا من جهات معينة تريد إيصال رسالة إلى الآخرين من انها ما زالت لديها اليد الطولى في ممارسة العنف السياسي في حال حدث أن تعرضت هذه الجهات السياسية للإقصاء أو الظلم حسب رأيها. ولقد شهدت التجربة العراقية عبر السنوات التي تلت سقوط النظام العديد من الممارسات التي لجا إليها البعض من السياسيين في محاولة التأثير على الشارع العراقي من خلال إثارة العنف والتشجيع عليه والتهديد به من خلال تصريحاتهم. ولكن على الجميع أن يدركوا إن العنف لا يؤدي إلا إلى المزيد من العنف وعليهم أن يقدموا الحلول السلمية والحوارية على الحلول أو البدائل العنفية والعدوانية وهو الأمر الذي نجده في تاريخ ديننا الحنيف ومبادئه السمحاء ونجده سائدا بطريقة أو بأخرى في المجتمعات المتحضرة والتي وصلت إلى ما هي عليه من مستويات عالية في الديمقراطية والحرية التي استطاعت أن تخدم شعوبها من خلال ما وصلت إليه من رقي وتحضر وعلينا أن نترك ثقافة العنف وننفتح على الآخر وعلى ثقافته وفكره لعلنا نتخلص مما ورثناه من ثقافة تدعو إلى قتل الأبرياء لا لشيء إلا لخدمة مصالح ضيقة..
العنف يطل من نافذة التطرف
نشر في: 27 يوليو, 2010: 06:55 م