حازم مبيضين الوصف المغرض لبعض أجهزة الاعلام المشبوهة لقاء العاهل الاردني برئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه عودة للدفء في علاقات البلدين يدخل بالتأكيد في باب الغيظ من الدور الاردني المعتدل والمتميز في مسيرة البحث عن السلام في هذه المنطقه,
وليس سراً أن اللقاء ركز على إيجاد البيئة الكفيلة بالتمهيد لانطلاق مفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة تعالج جميع قضايا الوضع النهائي، وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على التراب الوطني الفلسطيني، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل, وليس سراً أن الملك حذر نتنياهو من ضياع الفرصة المتاحة لتحقيق السلام، وهو ما ينذر بانفجار الوضع في المنطقة في حال استمرار الوضع الراهن, وليس سراً أيضاً أن اللقاء تم بعد تكرار طلبه من نتنياهو وأن عمان لم تكن متحمسة لعقده, لقناعتها بعدم جدية نتنياهو في تحقيق الأمن والسلام, ويعني ذلك بالضرورة أن هكذا لقاء لا يعني نهاية الفتور في العلاقة الأردنية الإسرائيلية.معروف أن واشنطن مستعدة لبذل جهدها في دفع عملية السلام, وأنها قد تكون لعبت دورا مهماً في ترتيب اللقاء, لكن من المهم التوضيح بأن اللقاء يندرج في سلسلة التحركات المتسارعة في المنطقة تحضيرا للمفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والاسرائيليين ومحاولة تحسين شروطها قبل انطلاقها, ومعروف أن القيادة الاردنية غير متفائلة بالمواقف الاسرائيلية تجاه ذلك لكن المعروف أيضاً أن الحرص الاردني على اغتنام الفرصة الراهنة لاحلال السلام هي الدافع لعدم غلق أبواب الاتصالات مع تل أبيب, رغم توترعلاقات الطرفين، غير أن الزعم أن اللقاء اقتصر على تحقيق مكاسب لنتنياهو بتصويره كرجل سلام منفتح على دول الجوار ومقبول فيها وبما يقوي حكومته على الصعيد الخارجي ويعزز قوتها داخلياً, والزعم أن رئيس الوزراء الاسرائيلي يحاول الاستقواء بالأردن على الرئيس الفلسطيني لدفعه للمفاوضات المباشرة باعتبارها غطاء لإعادة صياغة علاقات الدولة العبرية بالعالم, ليس أكثر من قفز على حقيقة التنسيق عالي المستوى بين القيادتين الاردنية والفلسطينية, وقفز على حقيقة أن الاردن لايرضى بلعب أية أدوار تتنافى مع المصلحة الفلسطينية المتمثلة بقيام الدولة المستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية كعاصمة للدولة العتيدة. الأردن كما هو معروف ليس ضد اللقاء لأنه يدرك بأن ضياع فرصة السلام الحالية تعني نهاية الرهان على عملية السلام وانزلاق المنطقة نحو دورة جديدة من العنف العبثي, وهو يدرك حجم الخسارات التي ستصيب الجميع أن لم تقم الدولة الفلسطينية, ويدرك أن الفلسطينيين سيستفيدون من هكذا لقاء, واستقبل نتنياهو بعد إفهامه أن لاأحد يثق بجديته في دفع المسيرة السياسية إلى الأمام، وإفهامه أيضاً أن كل الاجراءات الأخيرة في القدس مرفوضة ومدانة ، أما المحاولة البائسة لتصوير اللقاء وكأنه مجرد تلميع لصورة نتنياهو أو رضوخ للاملاءات والضغوط الاميركية فانه ليس أكثر من محاولة للقفز على حقيقة أن الدور الاردني مستمر وفاعل وأساسي في عملية سلام الشرق الاوسط وأن هذا الدور المحوري والمطلوب من الفرقاء كافة يستوجب اللقاء مع الجميع دون أن يعني أن العلاقات معهم سمن على عسل, ويكفي أن الملك عبد الله استمع من نتنياهو لتأكيدات عن استعداده لتسوية دائمة لكل المسائل الجوهرية, وأن الملك أبلغه بضرورة الامتناع عن اتخاذ خطوات أحادية تجعل من الصعب إقرار حل الدولتين.
من خارج الحدود ..زيارة نتنياهو .. التأويلات المغلوطة
نشر في: 30 يوليو, 2010: 05:52 م