TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المناهج الدراسية بين التطوير والتغير

المناهج الدراسية بين التطوير والتغير

نشر في: 30 يوليو, 2010: 06:41 م

حسين علي الحمدانيبين الحين والآخر نطالع تصريحات عديدة لمسؤولين في وزارة التربية عن تغيير المناهج الدراسية والمعروف لدى الجميع إن المنهج المدرسي وسيلة لتحقيق أهداف التربية والتعليم ويرتبط بالطالب والبيئة والمجتمع والثقافة والنظريات التربوية مضافا إليها فلسفة الدولة التربوية، وكل هذه العوامل خاضعة لقوانين التطوير بمختلف المستويات بما فيها العلمية والتكنولوجية والاستعداد لتقبلها ومواكبتها ,
 لذا فإن التطوير يصبح أمراً حتمياً لا بد منه، ويجب أن يبذل فيه أقصى ما يمكن من الجهود على أسس علمية بحثية تدرس الواقع وتحدد مشكلاته وتستشرف المستقبل وتحدد متطلباته وتراعي الإمكانات المتاحة ليحقق الأهداف المرجوة منه. ويُقصد بتطوير المنهج هنا إحداث تغييرات في عنصر أو أكثر من عناصر منهج قائم بقصد تحسينه خاصة وان المناهج الدراسية ولكافة المراحل لم تخضع لضوابط مهنية طيلة حقب طويلة بقدر ما خضعت لأفكار أيدلوجية يراد من خلالها بناء المجتمع وفق رؤية الحزب الحاكم وبالتالي تحولت المناهج الدراسية إلى منشورات تبث الأفكار المراد طرحها للمجتمع خاصة ما يتعلق منها بمناهج التاريخ والمطالعة والأدب وغيرها، لذا نجد بأن القائمين على المناهج في وزارة التربية  يطمحون لمواكبة المستجدات العلمية والتربوية، والتغيرات في جميع المجالات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية بما يلبي حاجات المجتمع وأفراده، مع مراعاة الأسس التي بُني عليها المنهج فلسفية وثقافية ونفسية في ضوء الإمكانات المتاحة من الوقت والجهد. وعلينا أن ندرك ونحن نخطو هذه الخطوة المهمة إن مفهوم تطوير المنهج تغير عما كان عليه من قبل ويرجع ذلك إلى ما طرأ على التربية عموماً من تغير في فلسفتها وأهدافها وطرائق تدريسها آخذين بنظر الاعتبار تأثير ذلك على تطور مفهوم المنهج ذاته. ففي ظل المفهوم التقليدي والنظرة الضيقة للمنهج والتي تجعله مرادفاً للمقرر المدرسي فقط كان التطوير مقصوراً على إجراء تعديلات في المقررات الدراسية بالحذف أو الإضافة وهذا ما حدث في عملية التغيير الطفيفة التي شهدتها المناهج الدراسية العراقية ما بعد 2003 حيث اقتصر التغيير على مفردات من المنهج كانت على صلة مباشرة ومسميات معينة خاصة فيما يتعلق بكتب القراءة والمطالعة وقصائد الشعر حيث استبدلت بغيرها وهذه عملية تغيير وليست تطوير. أما في ظل المفهوم الواسع والشامل للمنهج فإن التطوير لا بد وأن يتضمن جميع مكونات المنهج من أهداف ومحتوى وإستراتيجيات التدريس والوسائل التعليمية والأنشطة والتقويم؛ ويتواكب مع العوامل المؤثرة فيه التي باستطاعتها أن تحدث تغيراً في اتجاهه وهذه العوامل تتنوع حسب مصدرها إذ قد تكون هذه العوامل سياسية وقد تكون اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية أو نفسية والأهم من هذه العوامل مجتمعة هو توفر الرغبة الحقيقية بالتطوير بعيدا عن التأثيرات الخارجية كما يحدث في الكثير من البلدان العربية والإسلامية حيث يكون تغيير المناهج رغبة دول ما تشكل قوة ضغط في ذلك، والعامل الثاني المهم هو من سينفذ هذا التغيير؟ والمعروف في الأواسط التربوية بأن العملية لا تقتصر على المقرر المدرسي فقط ولا على المتلقي (الطالب / التلميذ) بل هنالك طرف مهم جدا وهو (المعلم / المدرس) وهذا الطرف ووفق أسس التربية الحديثة تحول من ملقن يحشو أدمغة تلامذته بالمعلومات لغرض كسب درجات النجاح إلى  وسيلة تساعد المتلقي على كيفية التعلم وبالتالي فان العملية برمتها تحولت من تعليم وتلقين الى تعلم واكتساب مهارات وهذا ما معمول به في الكثير من دول العالم ومنها بعض الدول العربية التي حققت قفزة كبيرة في هذا الميدان الحيوي. ورغم إن وزارة التربية سعت لهذا بوقت مبكر منذ عام 2005 عبر إشراك عدد كبير جدا من الهيئات التعليمية في دورات تطويرية غايتها اكتساب مهارات التعلم ومحاولة إدخال طرائق تدريس حديثة وفي مقدمتها (التعلم التعاوني) القائم على نظام المجموعات المتعاونة داخل الفصل الدراسي الواحد , إلا إن هذه التجربة لم يكتب لها النجاح بسبب رفضها من قبل نسبة كبيرة جدا من الهيئات التعليمية , لذا فأن أية عملية تغيير أو تطوير للمناهج الدراسية يجب أن تأخذ بنظر الاعتبار تطوير قدرات القائمين بتنفيذها وهم الهيئات التعليمية والتدريسية لكي نضمن توفر مقومات نجاحها بالشكل السليم والصحيح وأن لا تتحول هذه العملية إلى عبء على طرفي المعادلة المعلم والمتعلم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram