TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك ..(شكيت شك تعال اركعه)

هواء فـي شبك ..(شكيت شك تعال اركعه)

نشر في: 31 يوليو, 2010: 09:03 م

 عبدالله السكوتي يحكى انه كان لاحد الكذابين صديق (يرقّع) كذباته! فضمهما مجلس ذات يوم، وكان الحديث يدور حول الصيد، فقال الكذاب بشيء من الزهو والافتخار: في احد الايام شاهدت عشرين حمامة فوق شجرة، فصوبت واطلقت واذا بالعشرين تقع على الارض،
تعجب الحاضرون وبدأ صاحبه يرقع كذبته بانه شيء معقول لان البندقية، بندقية صيد، والخرطوشة الواحدة بها خمسون (صجمه)، فتشجع الكذاب واستمر فقال: شاهدت في احد الايام طيراً قابعاً بين الاشواك فرميته ببندقيتي، ولما اتيت نحوه وجدته مشوياً ومملحاً، فتعجب الحاضرون وبدأ المرقع: ان هذا الامر معقول، لانه عندما اطلق التهب الشوك وقضية الملح، فالارض كانت مالحة، استأنس الكذاب بهذا (الترقيع)، ومن ثم قال الكذاب: انه شاهد طيرا فرماه وحين حضر وجده قد اصبح (يخني على بصل وحمص) وهنا التفت المرقع الى الكذاب وقال: (ولك هالنوبة ما صارت شلون اركّع الجذبه، البصل امنين اجيبه؟ الحمص امنين اجيبه؟ وعدد بقية لوازم اكلة اليخني)، ومن ثم التفت اليه قائلاً: (ولك شكيت شك تعال اركعه). لا نريد احدا بعينه بهذا الكلام،(فالشك) ابتدأ منذ سنين طويلة ولم يكن اليوم او البارحة، ورقّع من رقع حتى تعب وآيس، ولكن الامر حاليا يتكرر، اذ ترى ان الكذابين يكذبون وعلى المرقعين ان يرقعوا لنبقى نسمع هذا ونسمه ذاك، ولو كنا في مجلس سمر لهان الامر ولكنها ارواح بريئة تذهب بدون سؤال او جواب لتشاهد احد المرقعين في النهاية، يفلسف لك الامور وتخرج من حيث دخلت واكاد اخمن: ان لا احد يفهم ما هي القضية وما كنه التغيير الذي حدث في العراق، انها لعبة تختفي القاعدة وتعود، والخدمات المتعطلة، وحين يصل الامر الى مديات كبيرة من السوء تظهر الانفجارات، لنعود الى (من يرى الموت يرضه بالصخونه)، لم يعد هناك مجال لاعداد قوات امنية جديدة، ولا اميركا تنوي التراجع عن قرارها في الانسحاب، ولا احد يفكر بجدية في الخروج من ازمة تشكيل الحكومة، ولا القاعدة ضعيفة كما توهمنا من قبل، فماذا يفعل المرقّع بكذب صاحبه سوى ان ينفجر امامه ، ويضع امامه (الشك) ويقول له: هذا ما جنت يداك ، فجد حلا لما وصلت اليه الامور، كيف تكون القاعدة بهذه القوة، وكيف وصل الوهن الى القوات الامنية بهذه الدرجة ان ينفلت زمام الامور في الاعظمية، وانا على يقين ان هذا سيتكرر في منطقة اخرى، كيف يحدث هذا؟ ان لم تكن الصفقات والولاءات والاتفاق القديم بين الاحبة قد عاد ثانية ليدفع العراق باتجاه الطائفية من جديد. لقد دفع العراق ثمن استقرار دول الجوار، وراحتها من راحته، وكأنه الوحيد في الساحة يستقبل ازماتهم ومشاكلهم الداخلية؛ لا الرياض ولا دمشق ولا اية عاصمة اخرى عانت مثلما عانت بغداد، وليس هنالك شعب على وجه الارض تحمل مثل الشعب العراقي، سماسرة للحروب، وعقليات متحجرة تحيله الى سنوات الظلام والعزلة لنعود ادراجنا نهرول خلف الولاة والحكام، وذاك يجود بصرة للذهب وآخر للفضة حتى وصلنا الى المكرمات التي كانت عبارة عن (ربع كيلو عدس) لكل عائلة عند قدوم رمضان في زمان النظام السابق، والان(25) لتراً من الكاز لاصحاب المولدات كي ينعم العراقيون بنهار رمضاني بارد، اما ما يسمى بدولة العراق الاسلامية فهذه طامة كبرى،اذ انها تتناسل في العراق فحسب، ليس هنالك كفر، ولا ارتداد عن الدين ولا وثنية الا هنا في بلدنا الذي شاء الله ان يكون في القديم مدرسة للافكار والمذاهب المختلفة، التي يتكلم عنها البعض ويقول الاختلاف رحمة في فلسفة ساذجة لاتسمي الاشياء بمسمياتها، فهي تسمي الحقد والكراهية التي وصلت الى قطع الرؤوس اختلافاً، والان العراق ساحة لتصفية حسابات الماضي التليد، وما على الاخرين سوى التنظير وتدعيم كذب وزيف التاريخ لاسقاطه على حاضر مترد، يحيا الشعب خلاله اردأ سنين عمره الممتد الى آلاف السنين، ومع هذا مايزال الشعب، يقنع بأي شيء، ولكنه تعب من الهوسات والابوذيات استهلك كل شيء في زمان مضى، وهو الان على حافة البركان. rn 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram