اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > يوميات (المدى) في باريس..من مظاهر التسول على الطريقة الباريسية

يوميات (المدى) في باريس..من مظاهر التسول على الطريقة الباريسية

نشر في: 8 أغسطس, 2010: 06:24 م

باريس/ يوسف المحمداويأنا من المؤمنين والمناصرين جداً للذين لا يتصدقون على متسولي الشارع، ولكن الخميس الماضي أجبرتني زوجتي على مخالفة ذلك الإيمان وتلك النصرة وقمت بإخراج مبلغ (1000) دينار وأعطيته لامرأة اتخذت من تقاطع ملعب الشعب مقراً لشحاذتها، وفور تسلمها المبلغ قالت: (الله لا يراويك مكروه الله يطول عمرك) قلت لها: أدعي لنا أن نتخلص من هذه السيطرات ومن الازدحام ويعود بلدنا آمناً مستقراً.
فالتفتت اليّ وقالت بعصبية: (خالة لو ما الازدحام والسيطرات شناكل.. ليش حجي تريد تموتنه من الجوع)، تحرك السير وتحركت معه صعقات جوابها على قلبي.. أحقاً تعني ما قالت؟ هل هناك بالفعل من يريد ديمومة ما حدث ويحدث؟ نعم هناك من السياسيين يراهنون على تلك النظرية في مسألة البقاء بهذا المنصب أو ذاك، لكن هذه المتسولة... لماذا؟ أسئلة كثيرة وكبيرة جعلتني أترك يوميات المدى في باريس التي تتحدث عن معالمها.rnالتسول على الطريقة الباريسيةوأغوص مع ظاهرة التسول فيها على الطريقة الباريسية وأقارنها بمصيبتي التي أصبحت مهنة يومية بعد إن كانت موسمية قد تشاهدها في المناسبات الدينية أيام زمان.حين  تسير في شارع الشانزيليزيه، أو تمر في الميدان المواجه لبرج ايفل، قوس النصر، كاتدرائية نوتردام،ساحة الكونكورد، أنفاق المترو تمتلئ عيناك بمن افترشوا الأرصفة والساحات ليمارسوا ظاهرة التسول، موسيقى، ألوان، لافتات كتبت عليها بالانكليزية وأخرى بالفرنسية جمل طريفة بعضها صادق والبعض مزيف الغرض منه التندر. دخلنا أنا وأخي أحد أنفاق المترو متجهين صوب هدفي وليس هدفه بالطبع، ونحن داخل المقطورة أطل رجل تجاوز عمره الخمسين حسب تقديري وهو يعزف على آلة الآكورديون بمقطوعة تحيلك إلى الحان أوروبا الشرقية وإيقاعاتها، قبل وصولنا الى محطة وقوف للمترو طلبت من أخي كاظم أن يغادر الكرسي ويلتقط لي صورة مع هذا المتسول الجميل ويسأله عن أسمه وبلده، ولماذا يمتهن هذا العمل؟rnرجــــل بــــزي إمــــرأة اسمه بروز كيل من بلغرادقال لي متسائلاً.. أنت ماذا تعمل؟قلت: صحفي قال: هل مقتنع بعملك؟قلت: طبعاًقال وكذلك أنا لأنه العمل العقلاني الوحيد الذي أجيده، وما أن توقف المترو أخذ بروز آلته الموسيقية وكذلك تناول اليورو من يدي بكل لطف مع كلمة (ميرسي) وتوجه نحو مقطورة أخرى من المترو، ملابس أنيقة ووجه تملأه الابتسامة وإصرار بقناعة تامة على ان ما يؤديه عمل، تذكرت حينها سيد قاسم رحمه الله، وهو يقف على أبواب محال تأجير سرادق المآتم، ليعرف من خلاله عنوان أصحاب المتوفى حتى يمارس طقوس الاستجداء فيه، كان هذا الأمر في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وقد ألف أهالي الوفيات في المنطقة سيد قاسم واعتبروه جزءاً من المآتم شأنه شأن الطباخ، وعاملي القهوة والشاي، تذكرته متحسراً على تلك الأيام، بعد أن رأينا العجب في أيامنا هذه من إبداعات وتجليات ظاهرة التسول في البلد.. حيث لا تخطر ببال احد لإدامة ممارسة مهنتهم،أطفال للإيجار يستخدمون (للكدية) مشلول يثير عاطفتك حين يمارس عمله التسولي تراه يسابق الريح بعد نهاية رحلة توفير النقود، رجل بزي امرأة اتخذ من البرقع وادعاء البكم وسيلة لتنطلي حيلته علينا.rnربان السفينة والسيدبعد أن غادرنا بروز كيل وآلته، صعد المترو شاب بثياب رثة وهو يحمل بيده اليسرى لافته وباليمنى قبعة، كتب على اللافتة.. أنا ربان سفينة اختطفها القراصنة مني في الصومال وأريد احتساء الخمرة لكي أنسى.. ابتسم الجميع وكنت أول المبادرين لتقبيل قبعته باليورو، يرفد القلب بالسرور وان كان عن طريق كذبة بيضاء، لكنه صادق تماماً بنواياه.حين صرخ أمام الملأ انه يريد ان يحتسي الخمرة، لحظتها وعلى الرغم من سروري بالمشهد تذكرت أول أيام مأتم والدتي.. حيث دخل علينا رجل يرتدي العقال والكوفية الخضراء التي تشير الى ان من يرتديها يعود نسبه الى سلالة آل البيت، ليبدأ سمفونية الحزن المعهودة ويختمها بسورة الفاتحة على روح المرحومة، حتى يصل الهدف في خطبة الاستجداء.. لي عائلة كبيرة تركتها من غير طعام، هل تقبل ضمائركم أن العلاوي - وطبعاً لا يقصد علاوي الحلة-  وإنما (العلويات) يتوسدن الأرض فراشاً وينمن بلا طعام، وبعد نهاية خطبة (الكدية) قام أخي الكبير بإعطائه مبلغ من المال وكذلك أغلب الحاضرين في المأتم، أما أنا وقبل أن يخرج حاملاً جهازه الصوتي الذي هو برهان قاطع على زيف ما يدعي ليديم تسوله في المآتم.rnسيد أم سيئ قلت له مولاي سيد أم سيئ انتظر قليلاً حتى ينضج الطعام لتأخذه معك لبنات رسول الله، وكذلك سنهبك بعض الفرش والملابس ومبلغ من المال سأقدمه بنفسي لبنات نبينا محمد (ص)، أصفر وجه الرجل وهو يسألني هل أنت أبن المرحومة؟ قلت له: نعم، قال: يا ولدي لا أريد أن أشغلك وأنت في هذا المصاب الجلل، أعطني المال وسأوصله لبنات رسول الله وأنت تعلم يا بني أن (العلاوي) لا يراهن أحد.. وجزاك الله خير الجزاء، قلت له: أبداً.. لابد أن تدلني على البيت وسأجلب معي شقيقتي لتقديم المال لهن، وستقوم بنفسها بتفقدهن شهرياً وتخصيص مبلغ من المال لهن ليكون ثواباً على الأقل للمرحومة والدتي، أذعن الرجل وجلس على كرسي القلق مرغماً، وبعد دقائق من جلوسه انشغلت عن مراقبته باستقبال المعزين، التفت إلى مكانه فلم أجد الرجل وكأنه فص ملح وذاب سألت  الرجل الذي كان يجل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram