بغداد/ علي عبد السادةالقلق الذي يبديه الرأي العام العربي والغربي يصل، مع استمرار ركود مياه السياسة العراقية، الى حد الاقتراح باعادة الانتخابات والابقاء على القوات الامريكية. فيما تستعد القاعدة الى دفع الاموال الى الحواضن التقليدية في البلاد.
وتزامنت الصورة التي يرسمها "الاخر" عن الوضع في البلاد مع ما وصفته صحف امريكية وبريطانية بان الرئيس باراك اوباما "يائس" من الوضع في العراق وطلب، لذلك، مساعدة المرجع الديني الاعلى اية الله علي السيستاني.وقد يرفض أغلب العراقيين طريق اعادة الانتخابات، ويعوضون اليأس الذي وصل اليه "الاخر"، بأمل في ان يصل الفرقاء الفائزون بالانتخابات الى نتيجة تنهي الازمة. غير ان الوضع المضطرب نسبيا في العراق يزيد، دون شك، من ضبابية الصورة لدى الرأي العام في الاقليم والعالم. الحكومة الغائبة، لعسر في الولادة، والمياه السياسية الراكدة، منذ السابع من اذار الماضي، عوامل عراقية تتيح، بامتياز، التوقع والترجيح بخصوص مستقبله.وبغض النظر عن مدى موضوعية "تقييم" الاخر للوضع في البلاد، الا ان الزمن الطويل المحروق هدرا من قبل الفرقاء هو من يقف وراء زخم اعلامي قد يكون "هرولة" نحو الوراء. ويبدو ان الدعوة الى اعادة الانتخابات، مثلا، اطلقها اول الامر عدد من سياسيي العراق، ولم تجد، لاحقا، مكانا جديا للنقاش، ذلك ان اغلب الفرقاء يخشون الركض في دائرة مغلقة.بيد ان هذه الدعوة التي باتت حبيسة الادارج لفترة من الزمن، تسربت الى الخارج، وباتت موضع نقاش ومادة ثرية على صدر وسائل اعلام عربية. صحيفة القبس الكويتية كتبت تقول انها "رصدت" دعوات لإعادة الانتخابات كسبيل للخروج من المأزق. وزعمت ان هذه المطالبة كفيلة "بازالة الاستقطاب وتحقيق معادلة سياسية تضمن تشكيل حكومة أغلبية". وذكرت الصحيفة بالمادة الرابعة والستين من الدستور التي تنص على صلاحية رئيس الجمهورية في حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، خلال مدةٍ أقصاها ستون يوماً من تاريخ الحل إذا وصلت المفاوضات لتشكيل الحكومة إلى الفشل.ويرى بعض المراقبين السياسيين الذين تحدثت معهم (المدى) حول جديد الحراك السياسي، ان لقاءات الكتل الفائزة التي شهدتها الايام الثلاثة الماضية قد تعكس مؤشرا على بداية مرونة سياسية جديدة بينها.رئيس الجمهورية، جلال طالباني، ورئيس الوزراء، نوري المالكي، ظهرا للاعلام امس الاول واكدا ما وصفاه "الوصول" للمراحل النهائية بشان حوارات تشكيل الحكومة، بينما كان قادة الكتل يخوضون في تفاصيل قد تبتعد عن معضلة اسم مرشح الوزارة لكنها تقترب كثيرا من تفاصيل "اصلاح" بعض مؤسسات الدولة كمجلس الامن الوطني، والبحث في بنود تبنى على اساسها التحالفات.ومع ذلك فان هؤلاء المراقبين يرون ان الوصول الى هذا "الانفراج" البدائي قد جاء متاخرا كثيرا، خصوصا مع وصول الانسحاب الامريكي الى مراحل متقدمة.الخوف الجدي هو الخطر الذي قد يشكله تنظيم القاعدة على العراق، فمع الحديث عن تطور القدرات العسكرية العراقية فان تنظيم القاعدة يخطط الان الى دفع اموال طائلة الى عدد من الحواضن الاجتماعية التقليدية في مناطق متفرقة من البلاد، بهدف العودة الى المواقع الستراتيجية.ويقول قادة امنيون، فضلوا عدم كشف اسمائهم، ان القاعدة تحاول الاستفادة من الجمود السياسي والتذمر الشعبي بسبب الفشل في توفير فرص العمل ودفع الرواتب في الوقت المحدد. لكن لا يبدو مرجحا، حتى في ظل هذه الاوضاع المضطربة نسبيا، ان يعيد حلفاء امس زواجا قديما مع التنظيم الارهابي. الشلل السياسي، كما تسوقه الصحف الامريكية والبريطانية هذه الايام، ومع ازدياد خطر القاعدة قد احرج الرئيس الامريكي باراك واباما وهو ما اضطره "يأسه"، على ما تقول المجلة المتخصصة فورن بوليسي، امس الاول الى طلب مساعدة المرجع الديني اية الله علي السيستاني والتدخل في انهاء الخلافات العراقية.هذا اليأس الذي ساقت وصفه صحيفة الغارديان امس الاول، تزامن مع جزم اخر لصحيفة التايمز قطعت فيه الطريق امام نجاح ستراتيجية عمليات الانسحاب، وقالت إن أي نصر لم يتحقق بالعراق وإنه لن يكون هناك نصر في المستقبل.في العراق لا يرجو المراقبون والمهتمون بالشأن السياسي ان يطغى يأس البيت الابيض من جهة، وسوء تقدير الرأي العام العربي والغربي على المشهد. مازال التعويل قائما على ان يحصل الفرقاء العراقيون على لحظة توافق عراقية تنهي الازمة، وفي كل الاحوال فان هذا يعتمد ايضا على اتقان ممارسة الديمقراطية.
العالم ينتظر إشارة توافق من العراق
نشر في: 8 أغسطس, 2010: 08:34 م