ترجمة: المدى الثقافييحاول فانسان كرونان في كتابه الجديد اقتفاء اثر المغامرة الاسطورية لماتيو ريشي –ذلك الايطالي الذي غزا امبراطورية الصين في القرن السادس عشر-فكان اول رجل غربي يقتحم اسوار- المدينة المحظورة –في عصر كان الصينيون فيه يجهلون وجود قارة كبيرة مثل اوروبا ..
ويمكن اعتبار قصة هذا اليسوعي اسطورية لأنها تجسد تاريخ انسان اختار الانتماء الى الآخرين لاحداث تغيير فيهم فكان عليه ان يبدا بفهمهم اولا.ولد ريشي في ماكيرتا في قلب مارشيز وذلك في عام 1552 من عائلة تضم 13 طفلا ، وكان الصغير ماتيو تلميذا بالغ الذكاء الى حد النبوغ ، كما كان تقيا ومولعا بالشؤون الروحية وراغبا في تكريس نفسه لخدمة الرب ..ولأنه شديد الحب للاستطلاع وكان ابنا لعصر النهضة الزاخر بالمعارف فقد اختاران ينقل كلام الانجيل الى ماوراء حدود اوروبا التي كان يعرف جيدا انها ليست القارة الوحيدة الموجودة في العالم ..بدءا ، انجذب ريشي الى الرهبان الفرنسيسكانيين وانضم الى سنت فرانسوا ليستمع الى عظاته ولحق به الى اكثر من مكان في مساهما في دعم وتقوية فعالية الكنيسة الكاثوليكية ..كان ريشي نابغة في الرياضيات وقارئا جيدا لأرسطو كما كان ذا ايمان وفكر عميقين واكثر من ذلك –كان مغامرا بالولادة –وهومادفعه الى ارتياد الهند اولا حيث اكتشف قسوة الاستعمار البرتغالي الذي كان يؤمن بقدرته على ارغام الهندوس والمسلمين على الدخول في الدين المسيحي باستخدام القانون ...تابع ريشي جولته لينتقل هذه المرة الى الصين التي كانت –على العكس من اليابان – مغلقة ازاء التاثيرات المسيحية وفيها كم من الارتياب من الاجانب ...حرص ريشي على تعلم اللغة الصينية في وقت قياسي وبدا يكتب افكاره ومعتقداته بهذه اللغة فاصطدم ببعض الرهبان البوذيين الذين اصبحوا من اشد خصومه في تلك الفترة لكن ذلك لم يثنه عن التعرف الى ( الطاوية ) –وهي الفلسفة الدينية المبنية على تعاليم لاوتسو الصيني في القرن السادس قبل ولادة المسيح ) ، كما تعاطف مع فكر كونفشيوس –المعلم الروحي للصين الامبريالية ..لم يفهم الصينيون ريشي في باديء الامر وكان يصعب عليهم ادراك وجود اله واحد لكنه استخدم لغتهم ليقترب منهم وينجح في اجتذاب عدد قليل منهم الى الدين المسيحي ..واليوم ، لم يعد ريشي مبهما بالنسبة للصينينن كما كان آنذاك بل يعتز به الصينيون ويرون فيه رجلا لم يفد اليهم للسيطرة على افكارهم بل ليتقاسم معهم الكنوز الروحية في الغرب يساعده في ذلك مظهره المريح وذاكرته الخارقة واتقانه لغتهم بسرعة غريبة والتزامه الكامل بتقاليدهم ومراعاته لطقوسهم فضلا عن تبتله وابتعاده عن الاهواء وازدراءه للمجد والسطوة والمسؤوليات الرسمية ...ليس هذا فحسب بل ان سمعته ككيميائي ومذهبه الغامض وكل ماسبق جعلوه رجلا نادرا وفريدا في عيون الصينيين –كما يقول فانسان كرونان في كتابه – الذي صدرمؤخرا عن دار البان ميشيل الفرنسية في 371 صفحة حملا عنوان ( ماتيو ريشي ، الحكيم القادم من الغرب ) والذي يرى كرونان ان تاليفه كان ضروريا للغوص في حياة هذا الرائد الذي اختار الدين وسيلة للتحاور بين الشعوب والذي تحتفل الصين هذا العام بمرور 400 عام على وفاته.
مراجعات ..الإيطالي الذي غزا الامبراطورية بعبقريته
نشر في: 9 أغسطس, 2010: 06:34 م