TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > الــرفـــض فـــي "شــعــر الــهــنــود الــحــمـــر"

الــرفـــض فـــي "شــعــر الــهــنــود الــحــمـــر"

نشر في: 9 أغسطس, 2010: 06:35 م

الدكتور طالب مهدي الخفاجي ليست هناك مأساة أكثـر عمقاً وسحقاً من مأساة الهنود الحمر، ومأساة عرب فلسطين ، لقد تعرض هذان الشعبان للسحق والإبادة لقلع جذورهما ومحو تاريخهما وثقافتهما والجريمة التي ارتكبت بحق هذين الشعبين واحدة ومن كان وراءها واحد (بريطانيا).
تعرض الهنود الحمر للإبادة على يد الرجل الأبيض القادم إليهم مستعمراً وسيداً !!! . وقد قام هذا الرجل الأبيض الغازي المستعمر بمحو كل أثر أو شاهد للهنود الحمر وقطع صلتهم بثقافتهم وتاريخهم . أن عمق هذه المأساة أنعكس على مرآة الشعر وأصبح جرحاً ينزف ، ويتواصل نزيفه على مر الأيام والسنين والقرون . هذا الجرح العميق جعلهم أكثر التصاقاً بوطنهم وتاريخهم وأدبهم ، لهذا رأيناهم يتفننون بأمجادهم السابقة وبرموزهم الوطنية ، وما كتبه شعراؤهم يمثل خلاصة تجاربهم . فقصيدة الشاعر من الهنود الحمر تمثل دخولاً عنيفاً وصادقاً إلى عالم الذاكرة الذي تعرضت إلى الغزو والإبادة . وعلى الرغم من أن هذه القصيدة تتميز بالبساطة والتواضع فأنها غير مباشرة . وهذا هو السبب الذي يعطيها مذاقاً صادقاً تفوح منه رائحة الأرض والمطر والندى والحب والتاريخ . لقد تميز شعر الهنود الحمر بخصائص سواء أكان ذلك في أمريكا الشمالية أم الجنوبية . ويمكن أن نشير إلى ثلاث خصائص هي :1ـ الميثولوجيا : أن تاريخ الهنود الحمر عميق الصلة بالمثيولوجيا التي تعد تراثاً لهم ، وتمتد في عمق التاريخ ، وهي تعكس خيالاً واسعاً يستجيب للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عاشوا فيها . ويستمد شعراؤهم المادة الشعرية من أعماق المثيولوجيا وهذا الموقف لا يعني أن شعرهم عاجز عن اكتشاف الواقع واستشراف آفاق المستقبل ، بل يستمد الشاعر الهندي من المثيولوجيا أو يتكئ إلى المثيولوجيا بقصد التعبير عن واقع شعبه المأساوي .ويضم شعرهم بين دفتيه عدداً من الأساطير والخرافات ، يمثل محتواها بشكل خاص الايديولوجيا والوعي الاجتماعي لديهم ، وفي ضوء هذا الموقف من المثيولوجيا يمكن أن نشير إلى أن غالبية أعمالهم الأدبية والشعرية تمجد (الشمس) باعتبارها الإله الأعلى . ويعتبرون " أنكا " جدهم وهو ابن الشمس ، كما تمجد أعمال أخرى " فيراكوجا " آلهة الخلق والأرض باعتبارها آلهة الخصب.إن تصورهم للإيمان يمكن أن نتلمسه في كثيرة من النصوص المحفوظة في النصوص الأسبانية التي تعكس تعدد الآلهة لدى مختلف الأقاليم والقبائل إلى جانب (الشمس) بوصفها الإله الرسمي للجميع . فكانوا يعبدون (الومانيس) أي الجبال ويعتبرونها إلهاً.وتنطوي المثيولوجيا الهندية على أقوال كثيرة لعل أكثرها قبولاً وتداولاً هي أن المثيولوجيا الهندية تذهب إلى أن الإله (انكاري) هو ابن الشمس ومن امرأة متوحشة . والشمس عندهم مذكر كما هو في الإنكليزية والأسبانية والفرنسية .2ـ االنوستالجيا : وتعني الحنين الدائم إلى وطن ضائع . هذه الظاهرة ليست جديدة في شعر الهنود الحمر بل هي قديمة وتمتد إلى عمق خمسة قرون وتحديداً إلى نهاية القرن الخامس عشر عندما اكتشف (كولومبس) أمريكا ، وكذلك يرجع تاريخ هذه الظاهرة إلى سيطرة الملك الأسباني (فرانسيسكو بيزار) على مملكة (الأنكا) عام 1531 ـ 1533.وفي ضوء هذين الحدثين التاريخيين ابتدأت رحلة مأساة الهنود الحمر . ومن ذلك التاريخ كان الهنود الحمر عرضة للإبادة والتشريد ، بل الأنكى قلع جذورهم من الأرض الأمريكية نهائياً وتشويه تارخيهم وتراثهم . وآخر هذه الحملات وأكثرها ظلماً ومرارة وقسوة هو وضعهم في مجمعات قائمة على العزل في أمريكا وهذه المجمعات لا تختلف في شكلها ومضمونها عن مجمعات عزل السود في جنوب أفريقيا سابقاً والمسماة (بانتوستانات) . أن النوستالجيا حقيقة يمكن اعتبارها ردة فعل على معاناتهم ومأساتهم خلال القرون الخمسة المنصرمة على يد الأسبان      والأمريكان والأوربيين . وردة الفعل هذه تعد عاملاً أساسياً وكبيراً يدفعهم إلى التماسك الروحي لمجابهة حملات الإبادة   والإرهاب التي تشنها قوى القهر الأمريكية ضدهم .3ـ رفض ثقافة الرجل الأبيض التي تحاول إلغاء ثقافة الهنود الحمر وتراثهم ، ذلك أن الرجل الأبيض لم يكتف بمصادرة الأرض وتشريد الهنود الحمر وتغريبهم في أرضهم حسب ، بل دأب أيضاً على استعمارهم ثقافياً ومحاربة تراثهم وثقافتهم بهدف تسهيل مهمة زيادة استغلالهم وتركيبهم . وفي هذه المقالة سنقوم بتحليل نماذج من شعر الهنود الحمر التي تتضح فيها رائحة الأرض والمطر والأنين والحب .في قصيدة " موت آتاهو ألبا " يتضح موقف الشاعر القائم على التمسك بأرضه ووطنه ، ورفض الرجل الأبيض الذي دخل أمريكا غازياً ومستعمراً . دخل بحجة البحث عن الذهب ، ولكنه في حقيقة الأمر ، دخل يحمل الموت لأصحاب الأرض . كما وصفت القصيدة الرجل الأبيض بأنه غادر غدر الضبع وماكر مكر الثعلب ، فقال :كالطاعون حل البيض الفلاة / الباحثون عن الذهب / في أرضنا / فهمسوا للأب " أنكا" بالطمأنينة/ ولكنهم قدموا له الموت /بغدر الضبع/ ومكر الثعلب / قتلوه كحيوان " اللاما " الصغير.وتستمر القصيدة بوصف مأساة هذا الشعب ، فالرج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram