اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > ديمقــراطيــة الثقــافــة

ديمقــراطيــة الثقــافــة

نشر في: 10 أغسطس, 2010: 05:23 م

فريدة النقاشقال الدكتور (عبد القادر حاتم) وزير إعلام وثقافة ثورة يوليو ان أهم انجاز له كان تحقيق ديمقراطية الثقافة متحدثا عن الفرق المسرحية التي نشأت في الأقاليم ومشروع كتاب كل ست ساعات إضافة للبرامج الثقافية في كل من التليفزيون والإذاعة وإنشاء الإذاعات الجديدة والموجهة منها إذاعة القرآن الكريم.
ولكن الوزير السابق تجاهل تماما علاقة الثورة بالمثقفين وهي كما يعرف الجميع كانت علاقة شائكة وملتبسة، إذ إن المبدأ الأساسي الذي حكمها هو الاستعانة بأهل الثقة وليس بأهل الخبرة، بل وصل استبعاد بعض أهل الخبرة في هذا الميدان إلي اعتقالهم وسجنهم بل (تطهير) بعض المؤسسات الثقافية والإعلامية منهم وفرض قبضة الأمن عليهم وصولا إلى نقل (طه حسين) وهو من هو بين كبار المثقفين من جريدة الجمهورية التي كان يكتب فيها إلى واحدة من المؤسسات العامة لعزله عن جمهوره وبعد سنوات مات (طه حسين) صاحب شعار التعليم كالماء والهواء ووزير المعارف قبل الثورة وفي قلبه مرارة شديدة لا فحسب مما حدث له وإنما من كل ما حدث للثقافة والمثقفين وللتعليم علي نحو خاص.وطه حسين هو اسم كبير، واحد من بين عشرات من كبار المثقفين وشبابهم جرى التنكيل بهم وتهميشهم بينما كانت الثورة ماضية في مراكمة انجازات مادية كبيرة من إنشاء المدارس للمسارح لبيوت وقصور الثقافة وقد شهدت الأخيرة موجات تلو الأخرى من ملاحقة المثقفين الذين تحمسوا لمشروع يوليو ودافعوا عنه وتطلعوا لتصحيح أخطائه أولا بأول قبل أن تتفاقم وتؤدي إلي الهزيمة الفاجعة عام 1967 والتي مازالت البلاد تدفع ثمنها حتى هذه اللحظة لأنها فتحت الباب للانقضاض على انجازات (يوليو) المجيدة.كذلك حجبت الثورة عن المثقفين وعن الشعب كله حق التنظيم كحق أساسي للإنسان، وضرورة لا غنى عنها للتعبير المستقل بعيدا عن الحكومة حتى وهم يؤيدونها، والمثقفون التقدميون هم الذين أرسوا مبكرا هذا المبدأ النبيل أؤويدك دون أن التحق بك وهم الذين انتقدوا رواية (عودة الروح) لتوفيق الحكيم والتي كان جمال عبد الناصر معجبا بها لأنها دعت لاندماج الكل في واحد وهذا الواحد هو عادة الزعيم المنتظر الذي يأمر فيطاع. والنقد في هذه الحالة هو شكل من أشكال التمرد علي الطاعة، فالطاعة قيمة غريبة على المثقف النقدي الذي تتجلى له المثل العليا في صورة يوتوبيا لكنها قابلة للتحقيق كمدينة فاضلة لو توافرت شروط.ولعل أهم هذه الشروط بالنسبة للمثقف اليساري والشيوعي على نحو خاص الذي أيد الثورة ودعا لحمايتها وتجاوزها أن تكون المشاركة الشعبية الحقة لا عبر الاستفتاءات التي دأبت يوليو على تنظيمها ووضعت لنا تقليد الـ 99% موافقون، وإنما عبر حق القوى الشعبية في تنظيم نفسها في نقابات وجمعيات وأحزاب دون وصاية حكومية أو قبضة أمنية، وهو ما لم يحدث في ظل (يوليو) التي فضلت جمع الشامي على المغربي كما يقولون في تنظيمها الفضفاض من الاتحاد القومي للاتحاد الاشتراكي والذي أدرك عبد الناصر بما له من بصيرة سياسية أنه لن يكون صالحا لقيادة البلاد وقام بإنشاء التنظيم الطليعي في داخله.ورغم الطفرة الهائلة التي أحدثتها (يوليو) في التعليم الذي رأى (طه حسين) أن بتطويره وتوحيده ومجانيته سوف نطمئن لمستقبل الثقافة في مصر فإن الثورة لم تسمح بسبب تضارب المصالح بتوحيد التعليم أو إجراء تغيير جذري في مناهجه يؤسس لمبادئ المواطنة والديمقراطية والعلمانية،وعجزت بذلك عن تمهيد التربة لإجراء إصلاح ديني جذري يواصل ما قام به المعتزلة وابن رشد وصولا إلي الأمام محمد عبده في نهاية القرن التاسع عشر، بل اكتفت الثورة بعد أن دخلت في صراع، ثم تحالف مع جماعة الأخوان المسلمين بالمزايدة عليها باعتبارها هي أي الثورة لا الجماعة من يمثل الإسلام الصحيح وما إن وقعت هزيمة 1967 إلا وانبعث الخطاب الديني الأصولي إسلامياً ومسيحيا فقد قيل أيضا إن السيدة مريم العذراء قد تجلت في كنيسة بالزيتون ومازلنا حتى هذه اللحظة نعاني من هيمنة الأصولية التي لم يكسرها المنهج العلمي الموضوعي.هذا وتركت ثورة يوليو قضية الأمية للزمن بعد أن فشلت مشروعات شكلية للقضاء عليها حتى زماننا هذا.. لكل هذه الأسباب كانت ديمقراطية الثقافة في ظل (يوليو) ناقصة مقصوصة الجناح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram