عبدالله السكوتي ومعنى ذلك ان الخيل اذا تعاركت كان ذلك من سوء حظ السايس، الذي ينبغي عليه ان يعيد الكرة في تنظيف امكنتها، وقد يظهر على الخيل من اثر العراك، العضاض والخدوش ما يغيظ اصحابها، فيغضبون على السائس، وربما أنقصوه اجره اوطردوه ..
ولعل المراد منه ان الخيل اذا تعاركت فيما بينها ادى عراكها الى رفس السائس وتعريضه الى شيء من الاذى، ويضرب هذا المثل للامر يقوم به اناس فيصيب آخرين لايد لهم فيه باشد الاضرار. من المؤكد ان لكل فرد من افراد المجتمع دورا في بناء وطنه، يبدأ منذ نعومة اظفاره، حين يستيقظ صباحا بعمر الورد ليحمل حقيبته ويذهب الى المدرسة ، ويبقى هكذا حتى يتبرمج على هذا العمل، فقد يتعب الابوان في بداية الامر ومن ثم يعرف الطفل ذو الست سنوات واجبه، ويبدأ يستيقظ بمفرده، فهو عرف واجبه ولا حاجة لاحد ان يذكره به، ويدرج الانسان هكذا حتى يصل الى سن معينة يبدأ العمل بها، اولا ليبني ذاته، يعمل مقابل اجر معين، هذا الاجر يعتبر عاملا محفزا، وليسد به رمقه، ولا يمكن ان يكون هو الهدف في كل الاحوال، فمن الممكن ان يكون الانسان يمتلك اموالا طائلة لكنه يحتاج العمل، لشيء راكز في ذاته لايعرف هو كنهه، لكنه يمتثل له ويعمل باتجاه اوامره، وتنتهي العملية حين يعجز الانسان تماما، ويتقاعد لينتظر الرحيل من هذا العالم، دورة حياة مليئة بالعمل والكفاح وربما التضحيات، هذا بالنسبة للكل الغالب اما الشواذ والذين يعيشون عالات على غيرهم فهؤلاء خرجوا عن القاعدة، ولايمكن اتخاذهم كقاعدة في كل الاحوال. كذلك الشعب العراقي، مع مامرّ به من آلام ومآس، نفذ الواجب الملقى على عاتقه واعطى صوته تحت ضغط القاعدة والجماعات المسلحة، وكذلك التشويش الذي ادخله البعض على برنامجه البسيط ، لكنه مع كل هذا خرج وادى واجبه، وبقي على الاخرين ان يؤدوا واجبهم هم ايضا؛ وللاسف الذي حدث ان العقليات التي اختارها الشعب لم تكن بمستوى المسؤولية، ولم ينظروا الى ماحدث في اميركا مثلا من تغيير ابان انتخاب اوباما، انقلاب كبير على الموروث الذي كان يؤمن به الشعب الامريكي، وكذلك ينظرون الى التزام اوباما بتعهداته تجاه الشعب الامريكي في الانسحاب من العراق وهو امر واقع لامحالة وتحت كل الظروف ، وهذه الفرصة اذا ضاعت لن تعوض ابدا، فرصة اخراج العراق مما هو فيه والانطلاق به الى بر الامان؛ (واذا انهجم البيت لا سامح الله فلا اسف على الكواره)، والكواره اناء خزفي صغير، ما قيمته امام بيتنا الكبير ايها السادة. والنزاع الجاري الان هو نزاع بالرغم من الرتوش التي نحاول ان نضعها عليه في اوقات كثيرة منها انها ضريبة الديمقراطية، ومنها انها لحداثة التجربة، واخرى نعزوها للضغوط الخارجية ، لنخرج اخيرا بنتيجة واحدة ان الامر نزاع مع سبق الاصرار، وهذا امر طبيعي اذا ما نظرنا الى خلفيات الموضوع من الاصطفافات المتعددة، منها قومية ومنها طائفية ومنها حزبية، اضف الى ذلك الاختلافات العقائدية القديمة والتي ظهرت الى الواجهة من جديد؛ حقيقة العراق في وضع صعب جدا والخروج منه يستدعي الكثير من التضحيات من قبل السياسيين، والذين يدعي كل واحد منهم انه يمتلك مفتاح الفرج حين يحكمه اربع سنوات اخرى. لست ادعي معرفة الامور وبواطنها، لكنني اعرف ان في العمر طريقان ، والانسان مخير ان يختار بين هذين الاثنين وعلى هذا الاساس يخلد في قلوب الاخرين حين يختار طريق الشعب والتضحية في سبيله ، حكموا عشرات السنين فلعنهم التاريخ ، وحكموا لعامين فخلدوا في القلوب والعقول ، واخيرا نقول كما قال الشاعر: (هوّه طريقين العمر واحد مذلة ومزبلة تاريخ والثاني نصر واثنينهن يتلاكن بحلك الكبر هوّه طريقين العمر)
هواء فـي شبك ..(تتعارك الخيل من كرد السايس)
نشر في: 10 أغسطس, 2010: 08:44 م