إعداد: عادل العاملكان لشهر رمضان المبارك، بطقوسه ولياليه ومجالسه العامرة دوره في إغناء الأدب العربي بالمواعظ والأخبار و الطرائف و الأشعار المستمدة من واقع حيات الناس اليومية، أو المؤلفة لغرض المؤانسة و الإمتاع. وهو أمر لم تخلُ منه حتى مصنّفات الفقهاء
وعلماء الدين البارزين كابن الجوزي وابن قتيبة وجلال الدين السيوطي. وقد أورد ابن قتيبة جملةً من الطرائف المتعلقة بالصوم في هذا الشهر، مثل قوله: قدِمَ أعرابي على ابن عمٍ له بالمدينة، فأدركه شهر رمضان،فقيل له: أبا عمرو، لقد أتاك شهر رمضان، فقال: و ما شهر رمضان؟ قالوا: الإمساك عن الطعام. قال: أ بالليل أم بالنهار؟ قالوا: بل بالنهار. قال: أ فيَرضون بدلاً من الشهر؟ قالوا: لا. قال: فإن لم أصم، فعلوا ماذا؟ قالوا: تُضرَب و تُحبَس. فصام أياماً فلم يصبر، فارتحل عنهم و جعل يقول: يقول بنو عمّي و قد زرتُ مصرَهم تهيّأْ أبا عمروٍ لشهرِ صيامِ فبادرتُ أرضاً ليس فيها مسيطرٌ عليّ و لا منّاعُ أكلَ طعامِ!ومثل ذلك ما ذكره أبو عبيدة قال: أسلمَ أعرابي في أول الإسلام، فأدركه شهر رمضان، فجاع و عطش، فقال: و جدنا دينكم سهلاً علينا شرائعَهُ سوى شهرِ الصيام!وتحدث علي بن ظافر الأزدي عن مطارحات رمضان الشعرية في زمنه، قال: و اجتمعنا ليلةً في رمضان في الجامع، فجلسنا بعد انقضاء الصلاة للحديث، و قد أوقِد فانوس السحور، فاقترح بعض الحاضرين على الأديب يوسف بن علي أن يصنع فيه شعراً ــ و إنما أراد تعجيزه، فصنع، و أنشد: و نجمٍ من الفانوسِ يُشرقُ ضوؤهُ ولكنه دون الكواكبِ لا يسري ولم أرَ نجماً قطّ قبلَ طلوعـهِإذا غابَ يَنهي الصائمين عن الفِطرِ كلمات مضيئة مما جُبلَ عليه الحر الكريم أن لا يقنعَ من شرف الدنيا و الآخرة بشيءٍ مما انبسطَ له، أملاً فيما هو أسنى منه درجةً و أرفع منزلةً، بمعايير الرفعة السامية والسناءِ الجليل. ولذلك قال عمر بن عبد العزيز، قبل أن يُصبح خليفةً، للشاعر دُكين الراجز: إن لي نفساً توّاقةً، فإذا بلغَكَ أني صرتُ إلى أشرف من منزلتي هذه، فبعينً ما أرَيَنّكَ - قال له ذلك وهو والي المدينة للخليفة سليمان بن عبد الملك ــ فلما صارت إليه الخلافة، قدِمَ عليه دُكين، فقال له عمر: أنا كما أعلمتُكَ أن لي نفساً تواقة، و إن نفسي تاقت إلى أشرف منازل الدنيا، فلما بلغتُها، وجدتُها تتوق إلى أشرف منازل الأخرة.
أوراق رمضانية ..رمـضـان فـي الأشـعـار والـطـرائــف
نشر في: 11 أغسطس, 2010: 09:06 م