محمد العلي الطبال أو أبو طبيلة، وهناك من يسميه المسحراتي، وآخرون يطلقون عليه المسحر ، هو رجل أو جماعة من الأشخاص اعتدنا على التعامل معهم في رمضان منذ القدم تنطوي مهمتهم في هذا الشهر بالقرع على الطبول قبيل وقت السحور لايقاض الصائمين لغرض السحور.
جاءت تسمية " أبو طبيلة " كون الطبّال يحمل "طبلاً صغيراً أو طبلة" وتصغير كلمة "طبلة" هو طبيلة لذلك سمي (أبو طبيلة ) وهذه التسمية الأكثر شيوعاً بين مرادفاتها والأقرب في التعامل اليومي مع هؤلاء الأشخاص خلال رمضان .والطبال أو أبو طبيلة مهنة طوعية لها أصولها وقواعدها التي لا يمكن مخالفتها أبدا مثلما ان لها نوعاً من الآلات التي تتم العملية من خلالها كالطبل أو الدف والدمام والصنجات وما يعرف بالسايد درام أيضاً.لكن هذه الآلات وبسبب تزايد الطلب عليها سجلت ارتفاعا كبيراً في أسعارها ولم يمنع ارتفاع أسعار هذه الآلات أهل المهنة من الطبالين المحترفين من شرائها لكن( الدخلاء ) على المهنة لم يكن بوسعهم شراء مثل الآلات ولجأوا للقرع على علب الصفيح الفارغة وهو ما يسبب صوتاً نشازاً على العكس من صوت الطبول أو الدفوف. وقال الطبال وسام فارس عبد الهادي الذي مضى على ممارسته المهنة نحو عشر سنوات في الكوت "أن مهنة الطبال التي عشقناها منذ كنا صغاراً ثم صرنا نمارسها اليوم مهنة محببة للكبار والصغار في شهر رمضان خاصة لدى الصائمين ويمارسها فريق في السابق لا يتعدى أكثر من شخصين، الأول يقرع على الطبل والثاني يسير معه يحمل كيسا يضع فيه بعض الحلوى والأطعمة التي تقدم لهم من قبل العوائل .وأن الناس عموما حتى غير الصائمين اعتادوا على (أبو طبيلة) وأحبوه كثيرا خصوصا الأطفال ممن يحرصون على مشاهدته في أثناء مروره بالإحياء السكنية وفي الأزقة والشوارع وهو يقرع بطبله تمهيدا لبدء وقت السحور.وأضاف أن المهنة لها قواعد وأصول لكن للأسف الآن ضاع القسم الاكبر من هذه الاصول ودخل المهنة الكثير من الأشخاص وغالبيتهم من الشباب ، فشوهوا صورة الطبال الجميلة بابتكارهم أدوات جديدة في العزف مثل (علب الصفيح ) التي تولد صوتا نشازاً وضجيجا يمل منه الصائم إضافة الى أن سيرهم في الشوارع يكون في بعض الاحيان مصحوبا بالضحك وبصوت مسموع وهو ما يولد ازعاجاً لدى العوائل . أما زميله عصام حسن زعبيل فقد بين أن أسلوب القرع على الطبل كان على شكل ضربتين يقوم بهما حامل الطبل بواسطة نوع من العصي الصغيرة والرفيعة وبعد كل ضربتين يرد الشخص الثاني الذي يحمل الكيس كلمة " سـحور". مطولة وهكذا تستمر العملية وتتوقف قبل موعد الإمساك بنحو 30 دقيقة .وقال أن استخدام هذه ( الدكة ) يختلف حالياً من مكان لآخر تبعا للآلات المستخدمة ورغبة الطبال في ابتكار نوع جديد من القرع على الطبل .وأشار الى أن الدخلاء على المهنة واللجوء إلى استخدام أدوات غير مناسبة من قبلهم مثل ما هو شائع الآن في استخدام الصفيح يجعل لكل فريق أسلوبه الخاص الذي لا يخلو من الضجيج والزعيق، وأحيانا ما هو نشاز دون الانتباه إلى حرمة الشهر وكرامته وكذلك احترام المهنة المحببة لدى الجميع .وعن الأدوات التي تستخدم قال الطبال وسام أن أهم آلة هي، الطبل أو ما يعرف الدمام وهو بثلاثة أنواع بين الصغير والوسط والكبير، مشيرا الى أن هذا الطبل يصنع إطاره الخارجي من الخشب الخفيف أو عظم العاج ويغلق من الوجهين بالجلد و يكون مربوطاً بالحبال ليعلق برقبة الشخص الذي يحمله ويسمى (طبل أبو وجهين) ويكون قوي الصوت وحسن الجلد وسليماً ويقاوم التلف وخفيف الحمل، مبيناً أن الطبل لا يؤدي أي غرض ما لم يكن معه ( سايد درام ) وهو عبارة عن نوع من العصي الصغيرة والخفيفة والمصنعة بشكل جميل أيضا يمسكها الطبال فيضرب بهما على الطبل ما يعطي صوتا جميلا هو ما اعتاد على سماعه الصائمون وقت السحور ليستيقظوا لإعداد وجبة السحور .ومضى يقول "من الأدوات الأخرى التي يستخدمها فريق أبو طبيلة هناك (الصنجات) وهي عبارة عن قطعتين أشبه بالإناء وهناك من يسميها الطاسة، ويضرب بهما واحدة على الأخرى فيعطيان (جزة) وهو الصوت الناتج من الضرب بهما.وقال: الصنجات عادة ما تصنع من النحاس وهو أفضل الأنواع مشيرا إلى أن هناك نوعاً آخر من الصنجات يصنع من حديد الاستيل وهو اقل كفاءة ويوجد في معظم المدن العراقية .وأما الطبال عباس قيس حميد فقد أشار إلى أن النوع الآخر من الآلات التي يستخدمها فريق الطبالين هو(البوق) ويكون أيضا بأنواع منه ( المزمار ، والسكسيفون ، والبوق العادي ) الذي يستخدم في الغالب وان أسعاره تختلف من نوع لآخر وحسب الحجم أيضا . وذكر أن في صبيحة العيد يقوم فريق أبو طبيلة بأداء معزوفات جميلة تدل على الفرح وتختلف عن دقة السحور ويدور الفريق بين البيوت ليجمع (العيديات) من الأهالي سواء كانت مبالغ مالية أو حلويات أو ما شابه ذلك.
المسحراتي.. طقس رمضاني يقاوم الزمن
نشر في: 11 أغسطس, 2010: 09:14 م