حازم مبيضينكنا نتمنى أن يبرهن السيد حسن نصر الله على ضلوع إسرائيل في جريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، ليتجنب لبنان التهديد بحرب أهلية، تنجم عن رفض القرار الظني للمحكمة الدولية الذي يتوقع حزب الله أن يطاول بعض أفراده، لكن الشيخ وبالرغم من إطالته واعتماده التقنيات الحديثة خيب أملنا، فهو لم يأت بجديد حين استعرض صوراً لتحليق طائرات الاستطلاع الاسرائيلي فوق لبنان،
لأن المعروف والثابت أنها تواصل هذه المهمة منذ عشرات السنين، كما أن استعراضه لاعترافات بعض العملاء لم يكن على صلة بالقضية، خصوصاً أن الثابت أن الساحة اللبنانية مخترقة ليس للمخابرات الاسرائيلية وحدها وإنما لعشرات أجهزة التجسس، فالساحة اللبنانية ليست أكثر من خاصرة رخوة في هذا المجال، ولعل الأكثر أهمية أن السيد اعترف في نهاية مؤتمره الصحفي بأنه لم يقدم أدلة واضحة وثابتة على ضلوع إسرائيل في جريمة اغتيال الحريري. نعرف ويعرف اللبنانيون ومن ضمنهم الشيخ حسن أنه لايمكن لأحد التأثير في وجهة التحقيق باغتيال الحريري ومن تلاه من شهداء لبنان، وأن مكتب الادعاء العام يتابع وفقاً لأرقى المعايير الدولية تحقيقاته الحيادية والموضوعية، وأنه يهتدي في عمله بالأدلة ويتجاهل التصريحات ذات الطابع السياسي، لكن السؤال الذي لم يجب عليه السيد في مؤتمره هو لماذا تأخر خمس سنوات طوال لتقديم ما يقول إنه قرائن، وهو تأخر أدخل لبنان في دوامة الاتهامات المتبادلة، إلا إن كان يعتقد بأن ما لديه غير كاف لحرف مسار التحقيقات، لكن المؤكد أن موقف نصرالله أتى ضمن مبدأ الهجوم للدفاع عن النفس، غير أن ذلك لايجب أن يقود إلى محاولة الغاء المحكمة الدولية. بالتأكيد ليس ممكناً تحديد ما سيحدث في وطن الارز إلى حين صدور القرار الظني، في ظل أوضاع قابلة للانفجار بسبب التمترس الطائفي، الذي أخذ شكلاً جدياً منذ اجتياح حزب الله لبيروت قبل عامين وتنامى هذا التمترس الخطير، بعد تهديد السيد حسن بقلب الاوضاع إن تجرأت المحكمة الدولية على اتهام عناصر في حزبه، قافزاً على فرضية أن تكون إسرائيل جندت هؤلاء العناصر، الذين يصر السيد على أنهم منزهون، ومتجاهلاً أيضاً حقيقة انكشاف عمالة فايز كرم الذي الذي كان يمسك بملف تنسيق الشؤون العسكرية واﻷمنية بين حزب الله وبين تيار الجنرال عون .كان السيد مدعواً لتقديم المعطيات التي أعلنها في مؤتمره الصحفي الاستعراضي إلى المحكمة الدولية، لكنه وهو لايعترف بها ويتهمها مسبقاً بالانحياز والتآمر، لم يكن قادراً على التعاطي معها، رغم أنها طلبت سابقاً من كل من لديه أدلة وبراهين أن يقدمها إلى مكتب الإدعاء، والتأكيد أن أي إفادة تستند إلى أدلة موثوقة سيتم النظر فيها، ولتأكيد حيادها ونزاهتها طلبت المحكمة وعلى لسان المدعي العام دانيال بلمار من السلطات اللبنانية تزويدها بكل المعلومات الموجودة لدى الأمين العام لحزب الله، ويشمل ذلك أشرطة الفيديو التي عرضها نصر الله، بالإضافة إلى أي مواد من شأنها أن تساعد في كشف الحقيقة. وكان مأمولاً أن يقدم الشيخ قرائنه للمحكمة الدولية، مدركاً حاجة بلده لها ومدركاً حاجة اللبنانيين إلى معرفة القتلة ومن يقف خلفهم، وليس عيباً يطاول السيد نصر الله إن اكتشفنا أن إسرائيل تمكنت من تجنيد واحد أو أكثر من ضعيفي النفوس المندسين في حزب الله، وإذا كان من حق السيد أن يعرف نفسه ويثق بها، فان من واجبه عدم الدفاع بشكل أعمى عن كل المنتسبين للحزب الذي يقوده، والاعتراف بأن ليس كل حزبي ملاكاً، فما تكشف من أعداد ومواقع عملاء إسرائيل في لبنان يدفع للشك بأن الدولة العبرية ربما تكون نجحت في اصطياد بعض منتسبي حزب السيد.
خارج الحدود : مطالعة نصر الله
نشر في: 13 أغسطس, 2010: 06:36 م