علي عبد السادةبينما ينتظرُ الرأي العام العراقي الوصول الى نهاية نفق الحكومة الجديدة، تثير اخبار الفساد، مجددا، مخاوفه من ان تأتي كابينة وزارية لا تحتسب لتجارب سابقة خلفت لائحة من فضائح اجهضت مشاريع التنمية في البلاد.
الخميس الماضي ازاح مسؤول رفيع في التربية الستار عن ما أسماها "عصابة محترفة" عينت الالاف من المواطنين بختم الوزير السري ومقابل مبالغ طائلة، وامس الاول حذر معتمد المرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني من ان الفساد ينخر "أغلب" مفاصل الدولة، وهو يستغرب من سكوت القادة السياسيين.ولم يكن الاعلان عن العصابة هو الاول من نوعه، ولن يأتي التحذير من تفشي الوباء وحيدا، انه يأتي ضمن اصوات سابقة من اجل مكافحته.لكن هذه الانباء تثير القلق .. انها تعزز "انعدام" الثقة بين الفرد والاجهزة الحكومية. وتفتح الباب، مشرعا، امام سؤال جديد قديم: انى للعراق ان يحظى، ولو لولاية واحدة، بأجهزة حكومية "نظيفة"؟افتراضلنفترض، الان، ان ازمة تشكيل الحكومة انتهت، وان الفرقاء العراقيين اتفقوا، اخيراً، على مرشح لرئاسة الوزراء. حينها ستعج صالونات القوى السياسية بنشاط جديد، بحثا عن سير "نظيفة" تستحق التزكية كمرشحين في كابينة 2010 الوزارية.هذا الافتراض يتغاضى، مؤقتا، عن المشهد المعقد لمفاوضات الكتل الجارية هذه الايام. فالوقت يُحرق برسم طرق مسدودة بوجه التوافقات السياسية، ولو تحقق افتراضنا هذا فان الرأي العام سيجد نفسه في مواجهةٍ من نوعٍ جديد: من هُم الوزراء الجدد في الحكومة الجديدة؟هذه السطور القائمة على افتراض – يأمل اغلب العراقيين في ان يتحول الى واقع ملموس – يحاول الكشف عن "سلامة" الوزارة الجديدة؛ أي مرشح سيحظى بمقبولية القوى المشاركة في الحكومة؟ واي معايير ستقاس بها سيرته الذاتية؟ هذه الاستفهامات مدفوعة بتجربة مريرة مع الفساد ولائحة طويلة من مشاريع معطلة.غير انه لا حديث جدياً، هذه الايام، عن هذا الموضوع، الكل يتصدى، اولا، لمهمة ايجاد حلول لازمة الحكومة الغائبة حتى الساعة، بيد ان نوابا عراقيين تحدثت معهم (المدى) يرجحون بان شراكة جامعة للكتل ستخرج بها الحكومة الجديدة. بعض منهم قال:"الكتل تبحث عن التكنوقراط"، لكن مراقبين يشككون في ان يأتي وزراء مستقلون جاؤوا فقط لانهم من الكفاءات العراقية، وقد تعزز هذه الوجهة بعض الاحاديث التي تبادلتها (المدى) مع نواب في كتل برلمانية فائزة:"ليس من المرجح ان تتجاوز نسبة التكنوقرط من خارج الاحزاب المشاركة في الحكومة الـ(10%)".ورغم ان اغلب هؤلاء يرون ان الحديث عن هوية وشكل الوزارة القادمة ومن سيحصل على مقبولية الكتل ليتسنم مناصب فيها امر سابق لاوانه، غير ان مصادر خاصة أبلغت (المدى) ان الكتل البرلمانية بدأت منذ فترة وجيزة تطلب من بعض الشخصيات، واغلبها مقربة من الاحزاب المنضوية فيها او بعض قيادييها، سيرهم الذاتية لتدرس، لاحقا، موضوعة الترشيح، لكن لا احد، اليوم، يجيب على سؤال يقلق الجميع:"ما الضمانات التي ستقدمها الكتل السياسية للحصول على وزارة نزيهة وكفوءة؟.ويمكننا اقتباس الشعور بالانزعاج من احاديث هؤلاء النواب من تجارب حكومية سابقة حين سقطت اسماء كبيرة في الاجهزة الحكومة عبر تهم فساد متنوعة، وبعدها ترزح هذه الكتل تحت ضغط شعبي وسياسي هائل. المناخ السائد اليوم يرجح ان الفرقاء اعتبروا من ايام عصيبة مرت على المشهد الحكومي في السنوات السابقة. لكن عددا قليلا من النواب لا يرى ان حل ازمة الفساد مرهون بترشيح اسماء ذات سجل مهني ناصع، بل انهم يزعمون ان تغيير "العقلية" التي تدير الدولة بحاجة الى نظام داخلي واصلاح وزاري لابد وان يتحقق في المرحلة القادمة. ويرون ايضا انه بدون هذه المستلزمات لن تخرج البلاد من "بركة" المحاصصات.ولا يبدو البعض متفائلا حيال وزارة 2010، انهم يرجحون "بقاء" الحال على ما هو عليه، وان المعيار الحزبي والفئوي هو الذي سيبقى متحكما بخريطة المؤسسات الحكومية، ويستندون في هذا الزعم الى عدة امور:"التجاذبات السياسية في مرحلة ما بعد انتخابات 7 آذار اصبحت اكثر توترا واحتقانا".أرشيف مقلقفي الرابع والعشرين من ايار 2009، فتحت هيئة النزاهة نيرانها بوجه مسؤولين كبار متورطين بتهم الفساد. وفي حينها عَّد الرأي العام تنفيذ الهيئة لأوامر إلقاء قبض بحق 33 مسؤولا متهما بقضايا فساد، انجازا مهما على طريق مكافحة الفساد. الهيئة قالت في يومها ان المتهمين بدرجة مدراء عامين وينتمون لوزارات مختلفة في الحكومة العراقية. وتحدثت الهيئة بلهجة جديدة على الصحافة العراقية حين تصدت لمهمة عسيرة في نظر اغلب العراقيين، قالت في بيان وزع يومها انها تسعى لتنفيذ أوامر إلقاء قبض على 997 متهماً بقضايا فساد لم تنفذ بعد. وفي الثامن والعشرين من الشهر ذاته وجد القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة، وكان يتحدث لقناة فضائية عربية، ان مشكلة الفساد في العراق تشبه مشاكل فساد في بلدان أخرى، لكنه بدا متفائلا حيال قدرة الع
العراق: من يخوض حربا مع الإرهاب الناعم؟
نشر في: 14 أغسطس, 2010: 08:20 م