محمود النمررمضان شهر ليس كباقي الأشهر، لما له من تأثير وسحر على إشاعة أجواء خاصة مستلهمة من قدسيته في النفوس، ومكانته لدى المسلمين، ويبدو أثره واضحاً بعض الشيء على عاداتنا اليومية، وإيقاع حياتنا، فتجد الكثير ممن يستجيب لنداء فريضة الصوم، ويتخذه البعض مناسبة للعودة الى القرآن، ومطالعة كتب التفسير، ولعل البعض الآخر يحيي رمضان في متعة السهر مع العائلة،
ويجد فيه متسعاً لتبادل الدعوات والزيارات، مع الأصدقاء والأقارب وتعزيز العلاقة مع الوالدين والأقربين، فأيامه تشيع في الإنسان مشاعر الإخوة والألفة والتقارب، والتطلعات الروحية، ومراجعة الذات، في سبيل السمو والارتقاء بالنفس، فضلاً عن حميمية طقوسه، تغمرنا خصوصيته الحافلة بالقيم الروحية النبيلة، ولعله يمثل للمثقف سراً لرتابة أيامه وعاداته، ذلك بانتزاعه بعض الشيء من مشاغله، ويجد فيه الفرصة للتقييم وتقويم اعماله وعلاقاته وشؤونه الذاتية.. التقينا عدداً من الأدباء والمثقفين الذين تباينت آراؤهم حول واقع وتأثير شهر رمضان على مجرى حياتهم.. الا انها أجمعت على أهمية هذا الشهر الفضيل وقدسيته.فرمضان أشبه بعملية إعادة ترتيب، ففي هذا الشهر تتغير بالنسبة لي الكثير من الأمور، وبالأخص تلك التي تتعلق بالقراءة والكتابة، فلا أجد الوقت الكافي للتعامل وفقاً للآليات التي اعتدتها في الأيام العادية، لذا احتاج دائماً اول كل شهر الى بضعة أيام كي استعيد توازني وأقيم علاقات جديدة مع هذه الطقوس الرمضانية، وغالباً ما يجف قلمي لأيام عدة، وتتآمر علي عائلتي بطريقة جميلة كي أتواجد معها لأطول فترة ممكنة فأتابع بعض المسلسلات الرمضانية وأتخلى عن وجبة الغداء مقابل وعد مغر بوجبة إفطار شهية لها خصوصيتها وجماليتها أيضاً لانها تحوي الكثير من الأصناف والألوان، وتسهم في جمع العائلة في موعد محدد فيه ترقب وانشداد كبيرين الى لحظة البدء التي يعلن عنها مدفع الإفطار. ان اغتنام رحمة وغفران متعة هذا الشهر مسألة واجبة لكنها قبل كل شيء يجب ان ترتبط بعمق الإيمان وحسن النية والتوجه الصادق والمخلص مع النفس ومع رب العزة الذي منحنا فرصة التوبة وفرصة العفو الشامل الذي يمنحنا الله إياه كل رمضان تتجلى أهمية شهر رمضان المبارك بوصفه هبة إلهية يمنحها الله لعباده المؤمنين وفرصة سنوية يتأمل خلالها العبد مسيرته عبر الشهور الأحد عشر الماضية من كل سنة، وما قد أصابها من خلل في التصرف سواء في محيط مجتمعه وعلاقاته مع الناس او مع موجبات وفرائض الطاعة والإيمان لربه وخالقه. وقد اقترن وصف هذا الشهر بالكريم فيقال رمضان كريم وهذا بتقديري لا ينحصر بمفهوم الإطعام والطعام وما اعتاد عليه العباد في نصب موائد الإفطار فحسب انما يتعلق بكرم ومقدار وحجم عفو الله وفتحه أبواب التوبة للمرء طوال سنين عمره وعليه اغتنام هذا العفو الرباني الذي يتجسد في إتمام طقوس الصيام بشكل كامل.رمضان محطة إيمانية للمسلمينفقد كرم الله تعالى هذا الشهر الفضيل من بين شهور السنة الاثني عشر بنزول القرآن الكريم على صدر سيد الخلق وخاتم النبيين نبينا الأكرم محمد بن عبد الله” ص “ إيذاناً ببدء البعثة النبوية الشريفة.وفي هذا الشهر المبارك ليلة من اشرف الليالي وأكرمها عند الله تبارك وتعالى هي ليلة القدر التي بدأ بها نزول القرآن والصيام لا يعني الامتناع عن الطعام والشراب فحسب بل على ابن ادم ان يمتنع عن الكذب والنفاق والنميمة وأن يكثر من الدعاء والتضرع الى الله تعالى والاستغفار لان الحكمة من هذا الشهر لا تهدف الى منع الجسد من كل الشهوات والملذات فحسب بل ان هذا الشهر الفضيل ما هو الا محطة إيمانية للمسلمين. تنأى بهم بعيداً عن مباهج الدنيا وحطامها لان يوم السفر قادم فعليه بزيادة زاده وعدته وإعلاء رصيده من العمل الصالح المفيد وتجاوز الصغائر في علاقاتنا مع الأهل والأقارب والأصدقاء والاستعداد الدائم ليكون بنو آدم محضر خير وتسامح. كما يفتح هذا الشهر المبارك الآفاق واسعة لإعادة علاقاتنا وتجاوز حالات الافتراق والتقاطع بمن آلت العلاقة معهم الى مجالات التوتر والجفاء وذلك بالمبادرة في تهيئة أسباب الصلح والمودة وقبل كل هؤلاء من كانت لنا بهم علاقة رحم ومودة.إنه الشهر الذي يغير إيقاع حياتنا اليومية باشراقة روحية، هو الشهر الذي نزل فيه القرآن، والصيام يجعلنا نشعر بالجوع فنتذكر الفقراء والمحرومين ومن ناحية أخرى هو يجعل الإنسان بعيداً عن ان يعيش لكي يأكل ولو لشهر واحد، كما انه يمثل وحدة المسلمين في كل زاوية من الكرة الأرضية ورمضان بعد هذا وذاك هو شهر فرح الطفولة والملابس الجديدة والحلويات والعيديات، لذلك يستقبله المسلمون المؤمنون بفرح غامر.وهو يتمثل بحكمته حين يتساوى فيه الغني والفقير وهنا إحساس متبادل وانه يعلم الإنسان الصبر ويتحمل المشاق والصعاب إضافة الى حكمته الصحيحة والبيمثولوجيا أيام رمضان الجميلة نتذكره عندما كنا صغاراً ونسمع أغنية رمضان الجميلة (ماجينه ياماجينه) وغيرها من الأعراف والطقوس الرمضانية الجميلة.اما رمضان في الوقت الحاضر فأعيشه بدراسة بعض المراجع الدينية واقوال الرسول الكريم (ص) وبعض الوقائع والمصائب التي نعيشها، واستلهمها صبراً، انه شهر الطاعة وتطهير النفس البشرية من الآثام وغيرها.أجد عاداتي اليومية قد تغير
رحلــة للتــــأمـل
نشر في: 15 أغسطس, 2010: 08:44 م