محمد محمود بشاربعد غياب دام سبع سنوات، طل طارق عزيز من خلف القضبان من خلال منبر اعلامي بريطاني بتصريحات ليست بغريبة،أعادت إلى الأذهان اطلالته الوزارية السابقة في عهد حكم صدام حسين للعراق، عندما كان يمثل الحاكم الآمر الناهي في العالم الغربي و بشكل خاص في المؤسسات الاعلامية.طارق عزيز الذي ولد عام (1936)
في كنف عائلة كلدانية كاثوليكية بالقرب من مدينة الموصل و اسمه الحقيقي (ميخائيل يوحنا) عُين وزيراً للخارجية سنة (1983) من قبل صدام حسين،ومن ثم عين كنائب لرئيس الوزراء العراقي في عهد النظام البائد. و كان يُعتبر من أشهر مسؤولي حكومة صدام حسين، حيث كان دائم الظهور في الاعلام الغربي. وهاهو ذا يعود مرة أخرى ليظهر في الاعلام الغربي و بشكل خاص في جريدة (الغارديان) البريطانية ليدعو القوات الامريكية إلى التريث في عملية الانسحاب و البقاء في أراضي العراق إلى حين معالجة الأخطاء على حد قوله. وبهذا التصريح يكون عزيز أول مسؤول عراقي من بين كل مسؤولي العهد البائد و حتى المسؤولين الحاليين- يدعو بشكل علني إلى بقاء القوات الامريكية إلى ما بعد موعد انسحابها المقرر. كما و يأتي هذا التصريح بعد الخطاب الذي القاه باراك اوباما رئيس الولايات المتحدة الامريكية قبل عدة أيام حيث أكد من خلاله التزام بلاده بسحب قواتها القتالية من العراق بحلول نهاية اغسطس/آب الحالي.ويبدو ان طارق عزيز مازال يحن للعودة إلى السلطة من داخل زنزانته الصغيرة التي سيمكث فيها لقضاء حكمين مختلفين: أولهما السجن لمدة خمسة عشر عاماً لدوره في مقتل عشرات التجار في عام 1992، وحكم آخر بالسجن لمدة سبع سنوات لدوره في التهجير القسري للكُرد أثناء حكم صدام حسين.كما و يتضح من تصريحاته بأن عزيز يعيش على أمل الخروج من السجن ليس إلى الحرية فقط بل إلى السلطة و ذلك بدعم امريكي – حسب ما تنم عليه تصريحاته الاخيرة – حيث يعطي الضمانات منذ الآن بأنه إن عاد إلى قمم الهرم السلطوي سيكون الحليف الأكثر مراعاة للمصالح الامريكية في العراق. و هو يستند إلى تاريخه السابق في هذا المجال حيث نجح بعد تعيينه وزيراً للخارجية بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين العراق و الولايات المتحدة الامريكية وذلك بعد اجتماعه في واشنطن مع الرئيس الامريكي (رونالد ريغان) في عام 1984 وذلك بعد قطيعة دامت سبعة عشر عاماً.كما تمكن بنفس الوقت آنذاك من تأمين دعم واشنطن لبغداد في الحرب ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية في الثمانينيات من القرن المنصرم من خلال اقناع الرئيس ريغان بان العراق يمثل حاجزا اساسيا في وجه ايران.طارق عزيز الذي امضى أكثر من عقدين في صفوف نظام آمر ناهٍ لا حدود لتسلطه و سلطته الاستبدادية، مازال يحن من داخل زنزانته الصغيرة للعودة إلى هرم السلطة، و كأنه لم يصدق بعد ما آل إليه حاله وحال من عينه وزيرا للخارجية. حيث مازال يراوغ من خلف القضبان التي تحيط به من كل الجهات شرقا و غربا، شمالا و جنوبا، ارضية و سقفا. و لربما يلجأ مرة أخرى إلى تغيير اسمه ليظهر هذه المرة باسمه الحقيقي (ميخائيل يوحنا) لعله يظفر بدعم العالم الغربي. ولكن ماكل ما يتمناه المرء يدركه و إن العالم اليوم لايجري كما يشتهيه طغاة زال طغيانهم و انتهى عصرهم.
نقطة ضوء: الحنين إلى السلطة من داخل الزنزانة..
نشر في: 15 أغسطس, 2010: 09:12 م