TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كلمات سأتركها على الأرض..ثمرات ضالة من أفكار البداية

كلمات سأتركها على الأرض..ثمرات ضالة من أفكار البداية

نشر في: 16 أغسطس, 2010: 06:44 م

محمود النمر من الثوابت  المطلقة ان الشاعر لا يستقر على وتيرة واحدة ،ولا يتجه الى هدف واحد ،فهو كثير الاتجاهات نزق  التصرف ،متمرد على  جميع القيم والأعراف، فهو يرى نفسه مركز العالم  لذلك يتجه في لحظة واحدة لكل الاتجاهات يبحث عن الضوء والحكمة ،ويترك الأسئلة مباحة على جميع الطلاسم التي لا حلول لها ،في حين يدرك إنها ( طوطميات)
 وضعت لعرقلة صفاء الحياة او خرابها،وهذا ما يؤلم  الذين يبحثون  عن جمال الكون ويؤسسون ما تبقى لبناء صفة جديدة لجماليات الكائنات التي يتكون منها هذا العالم ،وهذا ما يتحسسه الشاعر في مجموعته الجديدة (كلمات سأتركها على الأرض )والتي أطلق عليها – نصوص ارتكبها – حسين السلطاني، وكأنها  مجموعة صيحات مؤلمة اطلقها في الفضاء لفضح ذنوب اولئك  الذين يسحقون مباهج الحياة / رغبتك التي مضت متبوعة بنحلة الخجل /للفأس التي قشرت بها نعاس الحجر / للمسرة التي جعلتها تسجد لبوصلة الجهات /للسنبلة التي أدركت بأن النسيم منجل رضيع /للمرأة  التي هي من خشب سوسه الضجر/ للعبارة التي أتتك منفية من وردة الابدية .وحين تلح على روحه الاسئلة وتضيق عليه العبارات حيث لامناص من العبور الى امكنة تخلو من اللوعة الأبدية للانسانية ،يهرب حسين السلطاني الى الفراغات التي لالون لها يبحث عن اشياء تعضد آدميته وتدعم  إيمانه المتأرجح فيقول / بمعجزة ٍ رأيت جلجامش القديم يلهو بآدمية المحارب /بمعجزة سمعت الطائر يغوي الريشة لكدس البراهين /بمعجزة  ٍ سكرت ُ بكل هذا الهواء ولم انس عزلة الموتى / بمعجزة ٍ انام فوق سرير الغروب لأرضع  صورة امي / بمعجزة ٍ لمست ابهامك ايتها الحكمة ..لمست كمين الازل .ويستمر في قصيدة (إبهام الحكمة ) وهي الصورة الاولى للوجع الشعري في الديوان حيث  يتناول جزءاً من حكمة البابليين ،وهذا الرجوع الاول  الى بداية  الخلق للتكوينات الإنسانية في المعمورة  لأن حسين السلطاني من  محافظة بابل قضاء الاسكندرية التي تقع في  أطراف مدينة بابل الاثرية التي لم تزل هناك الكثير من المدن المطمورة لم يتم تنقيبها  لحد الان ،وهي بالتأكيد شكلت محطات مهمة في حياة الشاعر حسين السلطاني باعتباره استنفد جميع التصورات والخيالات التي كان يحلم بها في تجوالاته عندما كان طالبا يهيم بين تلك التلال للدراسة .هناك تأسست هذه التشكلات مابين روح الشاعر الجامحة وبين تلك المدن المطمورة ،لما تحتضن تلك المدن من تاريخ  اولي للمباهج  الاولى لوعي الانسان وتطوره في الوصول الى وضع الأسس والقوانين والسنن والشرائع التي لم تزل تؤكد وعي الانسان البابلي في فهم الحياة بالرغم من طفولتها / مضاءة شرفة عشتار / مضاءة زقورة  الكاهن / يجمع كسر الضوء من غابة النهار / الزنوج شربوا آخر ضحكات الملك/حتى صباحهم الزائل من عربات المستقبل / ياقلب السماء من خشب ريشتي .إنها إحالات ممزوجة بعالم التاريخ والماضي ، التاريخ المكتوب لأحداث قد تكون صحيحة او عكس ذلك،والماضي هو ذكريات قد حدثت ولم يكتب عنها احد ،وربما تناقلتها الألسن شفاها وبقيت على مر العصور تتوارثها العامة جيلاً بعد جيل / الصباح  ناحل كأبرة / والمرأة تراود  نفسها / والرجل يشذب لحيته بمنقار / الإبرة ناحلة كخيط دم / ونفسي تراود امرأة /والمنقار يشذب لحية الغابة / الدم يراود السكين عن نفسها / والمرأة تلمح جوادا يقترب / بينما  الغابة تطير من فرط  المناقير .تعتمد هذه المجموعة على عنصر التأويل والتصادم ،اكاد اخبر القارئ إني حصلت على الكثير من الصور والمعاني التي لم اقرأ مثلها سابقاً في خيال شاعر لا يعلن عن نفسه ولا يتبجح ، ربما هو يكتب لنفسه او لمن يريدون ان يعرفوا ما وراء هذا الأفق بجدية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram