بغداد/ علي عبد السادةتتفاقم ازمة الخدمات في العراق الى مستويات عالية، في وقت لم يتم التوصل فيه الى حلول بشأن ازمة تشكيل الحكومة العراقية.وتعكس ازمة الكهرباء والوقود وخدمات معطلة اخرى حالة شلل شبه تام تخيم على اجهزة الدولة التي تعاني من غياب فعالية المؤسسات الرسمية.
ويعتقد سياسيون وباحثون عراقيون ان غياب الرقابة التشريعية والتجاذبات بين الفرقاء منذ ستة اشهر هو السبب الرئيس وراء ما اسموه "الاداء الضعيف" للاجهزة التنفيذية.وتشهد بغداد ومدن عراقية اخرى ازمة حادة على صعيد تجهيز الطاقة الكهربائية ووقود البنزين، اضافة الى تدهور واضح في مجالات خدمية اخرى، بينما يتصاعد التذمر والغضب الشعبي من حالة الشلل شبه التام الراهنة. ورغم اعلان وزارة الكهرباء امس الاول اعادة ثمانية خطوط للضغط العالي تغذي مدينة بغداد الى الخدمة ووعدها مدينة بغداد بزيادة تجهيز الطاقة خلال 48 ساعة، الا ان الناطق الاعلامي باسم وزارة الكهرباء يرى ان تحسين واقع الطاقة في البلاد اكبر من قدرة الوزارة لوحدها."الوزارة بحاجة الى ثقل حكومي كبير لتحسين خدمة الكهرباء" يقول مصعب المدرس في تصريح خص به (المدى) امس الاثنين، مؤكدا ان الحاجة الحقيقية لمدينة بغداد تقدر بـ 4000 ميغا واط، فيما تزود حاليا بكمية تترواح بما بين 1300 الى 1400 ميغا واط، ما يعكس حجم الازمة.بيد ان المدرس قال ان الايام المقبلة ستشهد دخول خطين جديدين الى الخدمة في مدينة بغداد كانا قد تعرضا الى اعمال تخريبية الاسبوع الماضي، لكنه قال:" لن تكون الزيادة في تجهيز الطاقة عالية".وزارة النفط من جهتها عزت امس الاثنين، أزمة البنزين التي يشهدها العراق حالياً إلى زيادة عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي، الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على المشتقات النفطية من قبل أصحاب المولدات الأهلية والمواطنين.لكن الوزارة وعدت الاسبوع الماضي بزيادة الكميات المخصصة لمحطات تعبئة الوقود بما يتناسب وحاجة المواطنين من الاستهلاك، كما صرح مدير عام شركة توزيع المنتجات النفطية حميد ابو سودة، بحسب ما اورده موقع الوزارة الرسمي.بيد ان مواطنين تحدثت معهم (المدى) حول ازمة الوقود طالبوا بعقد جلسة برلمانية استثنائية لدراسة الازمة.وكانت عضوة في مجلس محافظة ديالى اتهمت في وقت سابق بعض محطات الوقود بافتعال ازمة الوقود والتلاعب بعملية التوزيع.ورغم ان في العراق عدداً من المصافي منها مصفى بيجي الواقع في محافظة صلاح الدين، وينتج نحو سبعة ملايين لتر من البنزين يوميا، وخمسة ملايين لتر يومياً من مادة النفط الأبيض، الا ان مختصين بالشأن النفطي اكدوا لـ(لمدى) ان غياب التخطيط في آليات التوزيع والفساد واعمال التخريب اجهضت الامال في ان يستفيد العراقيون من تلك المنشآت. ويرى مراقبون سياسيون ان حالة "اللاحكومة" في العراق فاقمت من ظاهرة الانفلات وفتح المجال واسعا امام ظواهر الفساد الاداري والمالي. عضو لجنة الخدمات في البرلمان السابق قيس العامري اكد ان الوزارات الخدمية صرفت اموالا كبيرة ولم تستطع تحقيق انجازات ملموسة خصوصا على صعيد قطاعي النفط والكهرباء.واستغرب العامري من ان العراق يستورد ما يقارب الـ 8 ملايين لتر بنزين يوميا، واصفا ذلك بالامر "غير الطبيعي"."ان فشل وزارة النفط انعكس سلبا على وزارة الكهرباء" يقول العامري، ويرى ان الحكومة العراقية اخفقت في رسم ستراتيجية واضحة لحل الازمات المتعلقة بالخدمات، منتقدا غياب التنسيق بين الوزارات واجهزتها التنفيذية.لكن باحثين عراقيين يرون ان جمود المشهد السياسي في البلاد متلازم مع تدهور الخدمات وذلك لغياب السلطات التي تتكفل بمهام الرقابة والمحاسبة."حين يتعطل عمل البرلمان تتقلص فرص الحد من تصرف الاجهزة التنفيذية بالمال العام" .. يقول الباحث حميد فاضل لـ(المدى). ويرى ان جزءا كبيرا من تراجع الخدمات يعود الى "غياب السلطة التشريعية".وعلى ما يبدو فان الازمة دفعت منظمات المجتمع المدني الى التحرك باتجاه الضغط على الكتل السياسية لانهاء الازمة.وتقول رئيسة منظمة امل العراقية ان الحديث عن انفراج للازمة السياسية لا يرقى الى الواقع الملموس، فيما يكاد صبر الشارع العراقي ينفد مع وصول الخدمات مستويات سيئة للغاية.واكدت الناشطة العراقية هناء ادور انه من الصعب بمكان على العراقيين تحمل المزيد من الضغوط المعيشية، فيما تشهد البلاد غيابا كاملا لسلطة الدولة.
مراقبـون: الشـارع العـراقي لـن يتحـمل مـزيـداً مـن الضـغـوط
نشر في: 16 أغسطس, 2010: 10:18 م