TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المواطنة وصراع الانتماءات

المواطنة وصراع الانتماءات

نشر في: 17 أغسطس, 2010: 05:45 م

 حسين علــي الحمـدانــيكاتب وباحث في ظل هيمنة العديد من المصطلحات التي دخلت قاموس مفرداتنا المتداولة  بشكل يومي  سواء في أحاديثنا الخاصة أو عبر وسائل الإعلام  نجد إن الحاجة تتطلب تحرير عدد من المصطلحات التي غالباً ما تكون عرضة للتساؤل خصوصاً أن شبكة الاتصال العالمية يزداد تأثيرها يوماً بعد يوم.
ولعل مفهوم المواطنة من أكثـر المصطلحات حاجة إلى الإثارة والمدارسة والفهم، ومن ثم التجسيد، ذلك أن الانتماء حاجة متأصلة في طبيعة النفس البشرية، وإنسان من غير وطن  تائه، والوطن من غير إنسان مهجور لا معنى له.ومن هنا تبرز أهمية مطارحة هذا المصطلح الحيوي لتحليل المركبات التي يتألف منها وكيفية رعايتها ومن ثم بحث طبيعة التأثير والتأثر والتفاعل المطلوبة من جميع مكونات هذا المعنى لتعزيز مقوماته الذاتية وإيجابية علاقاته الخارجية.وإذا كان الاجتماعيون يرون بأن المجتمع القوي في تضامنه هو مجتمع غني بالمواطنة، فإن تآكل المعاني المشتركة والمعتقدات العامة وبالتالي بروز الفردانية والمادية المفرطة هو علامة لتقلص المواطنة الفعلية.  و إلى ذلك كان مهماً أن تطرح هذه القضية للحوار، والأهم أن تتضح صورتها، والأكثر أهمية أن نحياها في واقعنا.والبحث عن معنى للانتماء بل  للحياة غريزة فطرية يحتاجها كل إنسان. وعادة ما يُنسب الإنسان لأبيه وأسرته ومن ثم لوطنه وعقيدته. ومع أن الواقع يبرز عدداً من (صراع الانتماءات) بين هذه الدوائر وغيرها،و يتعداه إلى خلق عدد من التوترات والمخاطر على المستوى الأسري والوطني بل والعالمي، فإن الحاجة اليوم أكثر إلحاحاً إلى نمذجة واعية لتأطير هذه الانتماءات وإبراز منظومة من التفاعل فيما بينها لتخدم كل واحدة منها الأخرى فيما يحقق مصلحة الجميع ورفاهيته.ولا تزال مجموعة من المفاهيم في ساحتنا الثقافية والاجتماعية شائكة وغير منضبطة في وعي أفراد المجتمع ومؤسساته،مما يسبب خللاً في الممارسات السلوكية التي هي اليوم أحوج ما تكون إلى دور رائد وشجاع من العلماء والمفكرين ليحسموا ما أشكل فيها، ومن ثم يسهمون في تشكيل وعي المجتمع فيما يخدم علاقة الإنسان  بنفسه وبيئته وعالمه.ومن هنا يأتي مفهوم الوطنية/ المواطنة كأحد المفاهيم المهمة والتي تحتاج إلى رؤية متزنة وحكيمة تنفي ما يتعلق بها من خلل ولتؤكد من خلالها المشـاركة الفاعلة والواعية خــدمة للمجتمع وتنميته.و في تقديرنا أن الوطنية هي الإطار الفكري النظري للمواطنة. بمعنى أن الأولى عملية فكرية والأخرى ممارسة عملية. والمواطنة (مفاعلة) أي مشاركة. وبهذا يكتمل ويتكامل معنى التجريد بالتجسيد. وقد يكون الإنسان مواطناً بحكم جنسيته أو مكان ولادته أو غيرهما من الأسباب لكن التساؤل: هل لديه (وطنية ) تجاه المكان الذي يعيش فيه؟. هل لديه انتماء وحب وعطاء.؟ ذلك هو المعنى الذي نحن بصدده.  يشير عدد من الباحثين بأن مفهوم الوطنية/المواطنة اصطلاح حديث إلا أن المعنى الذي تستهدفه الوطنية قد تناولته من قبل أفكار الفلاسفة والمفكرين الاجتماعيين. ويذكر البعض أن الاهتمام بهذا المصطلح قد نشأ مع ظهور الدولة الحديثة وحدودها الجغرافية والسياسية. ولفظ (مواطن) تعبير لم يظهر إلا بعد الثورة الفرنسية سنة(1789)، أما قبلها فالناس  ملل وشعوب وقبائل لا يعتبر التراب – إلا تبعاً لشيء من ذلك- وسيلة من وسائل الارتباط.الذي يبدو لنا من وجهة نظر خاصة أن الرسول محمداً (ص) كان أول من وضع المعنى الحقيقي لمفهوم المواطنة المسؤولة والمحدودة بحدود حيث قام الرسول (ص) بوضعها على جنبات المدينة المنورة كعلامات تقع مسؤولية من أخل بداخلها تحت دائرة حكم الإسلام  ومرجعيته، ويوضح ذلك دستور المدينة(صحيفة المدينة التي تعد مرجعية دستورية لسكان المدينة المنورة)..وتعرض بنود صحيفة المدينة ( 47 بنداً) مبادئ مهمة لفكرة المواطنة، حيث نصت على تكوين مفهوم الوطنية/المواطنة واحترام حقوقه وواجباته لكل من سكن المدينة مسلماً كان أو غير مسلم. إضافة إلى تحديد النطاق الجغرافي الذي يحاسب عليه أي إنسان اقترف جرماً داخل ما يسمى بجوف المدينة. كما تؤكد الصحيفة مفهوم النصرة المتبادلة بين سكان المدينة مسلمين وغيرهم ، وتعرض الصحيفة في مواضع مختلفة أن الاحتكام حين التشاجر والاختلاف هو لله ورسوله، مما يعني تأكيد السيادة الشرعية. وتشتمل الصحيفة على آداب وتنظيمات كثيرة.وتتعدد مفاهيم الوطنية وتعريفاتها، فمنها ما يحمل معنى عاطفياً وانتماءً وجدانياً للمكان الذي ألفه الإنسان، ومنها ما يحمل معنى فكرياً يفضَّل فيه المكان على شريعة الرحمن، ومنها ما يؤسس لمعنى قانوني يعبر عن واجبات المواطن وحقوقه تجاه وطنه. ونستعرض عددا من التعريفات منها: أن الوطنية تعني (العاطفة التي تعبر عن ولاء الإنسان لبلده)، والوطنية عند آخرين تعني تقديس الوطن وتقديمه في الحب والكره بل والقتال من أجله  حتى تحل الرابطة الوطنية محل الرابطة الدينية والوطنية في معناها القانوني الحديث تعني انتماء الإنسان إلى دولة معينة يحمل جنسيتها ويدين بالولاء لها. وتعرِّف الموسوعة العربية العالمية الوطنية بأنها  تعبير قومي يعني حب الشخص وإخلاصه للمواطنة بأنها عبارة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram