بغداد/ أفراح شوقيأذا أردتِ إن تتعرفي على جمال بغداد فعليك أن تزوريها في الليل، هذا ما قاله لي سائق التاكسي الذي اقلني الى بيتي قبل أيام بعد ان سألته عن حال شوارعها بعد الإفطار، وراح يعدد لي الكثير من أماسيها الجميلة وهي تزدحم بالعوائل
وتجمعات شباب المناطق المجاورة لأجل التجوال والسمر ومزاولة لعبة المحيبس الشهيرة، ووصفها بأنها اللعبة التي استطاعت تجاوز الطائفية التي أراد البعض تكريسها مابين منطقة وأخرى، ولما سألته كيف ذلك ضحك قائلاً: أسكن منطقة أبو دشير و لأجل بسط الأمن وضعوا الحواجز الكونكريتية لتفصل ما بيننا وبين منطقة الشرطة الرابعة والخامسة،ولكن معظم شباب المنطقتين صاروا يلتقون في مكان متفق عليه لأجل لعبة المحيبس المحببة للجميع والفريق الخاسر يقوم بتوزيع صواني الزلابية والبقلاوة على الجميع. جارتنا أم احمد اعتادت على الذهاب برفقة عدد من (نسوان الطرف) الى الأماكن المقدسة القريبة، بعد الإفطار، وتقول أنها فرصة لأداء مراسيم الزيارة والتجوال في الأسواق وتناول مشروبات العصير الطازجة بعد أن تخفت حرارة النهار قليلاً، وهي تتمنى أن تمر أيام رمضان بلا مفخخات ولا تفجيرات.وفي منطقة السيدية، أستغرق بحثنا عن مكان مناسب لنركن سيارتنا فيه أكثر من نصف ساعة بسبب الزحام الكبير الذي يشهده الشارع التجاري بعد الإفطار، حيث تنتشر عربات الأكلات السريعة في الأرصفة وكذلك محال المرطبات وبيع العصائر الطازجة والحلويات والتي يقبل عليها الصائمون بشكل كبير، ولعل المستفيد الأول من زحمة الناس هم أصحاب المحال التجارية الذين أبكروا في الترويج لملابس العيد القادم. أم هبة كانت بصحبة بناتها اللائي بدأن بالتسوق لليوم التالي، قالت لنا: لا نستطيع الخروج الا بعد ساعات من الإفطار، فالأسواق هنا تبقى مفتوحة حتى الثانية عشرة ليلاً، ونقوم بالتجوال احياناً بقصد الترفيه والفرجة على البضائع وتجمعات الناس هنا وهناك. وفي مناطق الجادرية وشارع فلسطين والحارثية وجد الصغار بعد الإفطار فرصة لهم للتمتع بالألعاب التي خصصتها الكافتريات ومحال الكوفي شوب على حدائقها ما أسهم في زحام الشوارع بشكل اكبر.وما لا حظناه أيضاً على ليل بغداد هذا العام هو تبرع بعض صبيان المنطقة الى التجوال في الازقة بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً والدق على الطبول والدعوة بصوت عال الى السحور بعد ان كان من المعتاد ان يتولى ذلك المسحراتي، وهو عادة مايكون شخصاً كبيراً في السن ويختص بعدد من الازقة البغدادية دون غيرها، وفي اول ايام العيد يعمد اولئك الصبية الى الدق على الابواب وطلب عيدية العيد السعيد.
تستمر حتى السحور..أماسي بغداد تنتعش ولعبة المحيبس تتحدى الحواجـــز
نشر في: 17 أغسطس, 2010: 06:51 م