بغداد/ هشام الركابي اكد عدد من المختصين ان خطر الجفاف يداهم العراق خلال السنوات القليلة المقبلة، وسط التغييرات المناخية التي يعيشها العالم على العموم، ومنطقة الشرق الاوسط على الخصوص، محذرين من مخاطر استمرار شح المياه في العراق وتأثير اقامة السدود على منابع نهري دجلة والفرات وتفرعاتها في تركيا وايران التي ستصيب العراق بالعطش لسنوات مقبلة.
ففي الوقت الذي تعزو فيه الحكومة مسألة شحة المياه الى كونها سياسية، تزداد مساحات التصحر ويزداد جفاف الانهر.وزير الموارد المائية، عبد اللطيف جمال رشيد، اتهم بهذا الخصوص، دول الجوار التي تنبع منها مياه الانهر في تعاملها مع المصادر المائية وقطعها الروافد والانهر الداخلة للبلاد وفق معيار سياسي. وقال في تصريحات صحفية إن كميات المياه الواردة من نهري دجلة والفرات اقل بكثير من السابق، وان شحة المياه التي يعاني منها العراق سياسية ودول المنبع لا تراعي الحق التاريخي للعراق في استخدام المياه. واضاف لم تكن لدينا علاقات طبيعية مع دول الجوار حتى عام 2005، لكننا بدأنا بخطوات بدائية جدا مثل تبادل المعلومات والزيارات وتبادل النتائج الهيدرولوجية والجيولوجية ومعلومات عن المنشآت الموجودة، والآن وصلنا إلى مرحلة نريد فيها إبرام اتفاقيات ثابتة. وذكر ان هناك اسبابا كثيرة لشحة المياه في العراق وليس سبب واحد، منها الطبيعة والمناخ، فخلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية عانينا من نقص في الموارد المائية المناخية كالأمطار والثلوج بسبب زيادة درجة الحرارة. وتابع ان النقطة الأخرى تتجسد في تعامل دول الجوار مع المصادر المائية، يضاف إلى هذا أن الروافد التي تصب في نهر دجلة كانت حرة في السابق أما الآن فهناك على كل هذه الروافد والفروع تحويلات لمجاريها. مضيفا انها قضية سياسية نتيجة تصرفات النظام السابق حيث كانت مشاكله تتنوع بين مشاكل سياسية وحروب مع دول الجوار. وحول ما اذا كانت هناك قوانين دولية تمنع قطع المياه عن الدول المتشاطئة، قال رشيد: هناك قانون الحق التاريخي. ولكن المشكلة أن دول المنبع لا تراعي هذا الحق. الى ذلك اعرب المختصون عن قلقهم من تحول العراق الى ارض جرداء خالية من النباتات، وقال الخبير البيئي صبيح ناصر ان المناطق الخضراء في العراق تتآكل جراء قلة مياه السقي، وتحولت الى صحارى تتنقل الاتربة من خلالها الى مدن البلاد المختلفة، تاركة وراءها انواع الامراض ومضاراً اخرى، واضاف في تصريح لـ(المدى): كانت المساحات الخضراء تغطي مساحة لا بأس بها من العراق، اذ ان مياه السقي تكفي المزارع او المساحات الاخرى ذات النمو الطبيعي للنباتات، والتي تعد المصدر الاول لغذاء الاغنام والمواشي، لكن بفعل قلة الايرادات المائية من تركيا وايران منذ سنوات، بعد اقامة السدود في البلدين على مجاري نهري دجلة والفرات، فأن الكميات الواصلة الى البلاد قلّت بصورة تلقائية، ولم يلتزم البلدان بما هو مقرر من حصة العراق المائية، فأصاب اراضي البلد الجفاف والعطش، وتحولت ديموغرافية العديد من المناطق وانتقل المزارعون ومربو الحيوانات نحو المدن، حيث العمل لا يحتاج الى مياه. وتابع ناصر: كل هذه الاسباب ادت الى زيادة الاراضي القاحلة وتكرار العواصف الترابية التي تشكل خطرا على الانسان والبيئة في آن واحد، ولا بد من وقفة جادة لمعالجة هذا الملف، لان المخاطر البيئية تداهم البلاد يوما بعد يوم، ولا حلول ناجحة في المستقبل المنظور مع استمرار اقامة السدود وحرمان العراق لحصصه من المياه. من جهته طالب الباحث الاقتصادي ماهر شمعون الجهات المختصة لتفعيل جهودها والتنسيق مع الدول المجاورة عن طريق الحوار البنّاء لاطلاق حصص العراق المائية، وتخليص البلاد من مشاكل عديدة، وقال في تصريح لـ(المدى): تعتمد اغلب محطات توليد الطاقة الكهربائية على مياه الانهر لتقوم بتبريد المحطات، وغالبا ما كنا نسمع ان بعض المحطات تتوقف نتيجة انخفاض مناسيب الانهر، وعلى هذا الاساس فأن المشاكل في العراق ترتبط بعضها ببعض، فحل ازمة المياه تدفع نحو انفراج بعض مسببات ازمة الطاقة الكهربائية، التي استنزفت جيوب العراقيين الذين يخصصون جزءا كبيرا من مردوداتهم الشهرية نحو توفير الطاقة الكهربائية الاهلية، ولذلك فأنا ادعو الجهات المختصة لاستخدام الدبلوماسية وحث الدول المجاورة على اطلاق حصص العراق من المياه، كي يكون هناك انفراج في اوضاع البلاد الاقتصادية وانتهاء بعض مشاكله. اثار قلة المياه في العراق لم تقتصر على المزارع او البيئة، بل تعدتها الى الصحة العامة وتدني مستوياتها. وقال الطبيب غسان الرماحي في تصريح لـ(المدى) ان الامراض تزداد مع انحسار كميات المياه، وخاصة النقية منها، واضاف: تظهر البكتريا والامراض في المياه قليلة العمق، التي نراها في العديد من القرى العراقية، وتعتمد عليها العوائل الساكنة في تلك المناطق، لقلة او انعدام مياه الاسالة المعقمة، وهذا ما يفسر ازدياد حالات الاصابة بالامراض المعوية في القرى مقارنة بالمدن او المناطق التي تحتوي على شبكات مياه سليمة وخالية من الاختلاط مع المياه الاسنة. وتابع الرماحي: دائما ما تحذر اليونسكو من استفحال الامراض في العراق، وهذا الامر يدعو الحكومة الى البحث الجاد عن مسببات هذه الامراض، وباعتقادي ان نقص المياه الواصلة الى البلاد المس
خبراء لـ المدى:العراق يواجه خطر الجفاف خلال السنوات المقبلة
نشر في: 21 أغسطس, 2010: 08:15 م