اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > محيي الدين زنكنه.. كم قلت لي: هذا خيارنا وليس قدرنا

محيي الدين زنكنه.. كم قلت لي: هذا خيارنا وليس قدرنا

نشر في: 23 أغسطس, 2010: 06:00 م

لطفية الدليميأبو آزاد العزيز ، لن أقول وداعا  أيها الأخ  الكبير بإبداعه الباهر ونقاء سريرته وترفعه الروحي ، سيد الإبداع المسرحي والروح المقتحمة المتعالية على الألم ،أنت الأبقى في  الذاكرة  بنبلك وزهدك  وعذاباتك الطويلة  ومنجزك المفعم بالقوة والتحدي والجمال ، كنت أضع كتبك التي تهديها لي بمصادفة غريبة مع كتب الصديق المشترك مبدعنا الذي لا يبارح الذاكرة جليل القيسي ،
 كنت تقول لي :دعينا نشد من أزر جليل فإنه يصاب أحيانا بموجات من  اليأس ولنسنده بتفاؤلنا وإبداعنا ، جليل رقيق جدا ويصعب عليه تقبل سواد العالم ، لن نيأس يا صديقة القلم والابداع ولن نتوقف ونحن نملك  كل هذه  الرؤى والأحلام  والمواقف .. معتكفا  ومنتجا لم يترجل قلمك يوما، كنت ترفد حياتنا بمسرحياتك  الجدلية الكاشفة  ونصوصك الجريئة ،وكنت تقول لي :هذا دور المثقف أن لا يتراجع ، أن  يمضي قدما وسط الأشواك والألغام والحاجة والاعتصام بالصمت أحيانا ، هذا ليس قدرا،بل هو خيار شجاع يالطفية، خيارنا الواعي تماما وليس قدرنا .. وحين أسسنا الجمعية العراقية للثقافة مع حشد خير من المثقفين  اتصلت  بك  لتكون معنا  بحضورك الثقافي الكبير ومنجزك المسرحي  ومواقفك الفكرية الباسلة فقلت لي : وهل يعقل أن لا أكون معكم ؟؟ لكن السفر من بعقوبة إلى بغداد، صار يشكل معضلة ترتبط بالوضع المتردي في  المدينة وصعود العنف  ..لطالما التقينا في التسعينيات حين كنت تسعدنا بحضورك النادر إلى بغداد  خلال المواسم المسرحية وبعض المناسبات الثقافية التي نقتنصها مناسبة  للقاء الأصدقاء مبدعي العراق الكبار القادمين من البصرة وكركوك والحلة وبعقوبة وغيرها من المدن التي تزخر بالإبداع والمبدعين، وكان يربط بيننا - حين يعز التهاتف-  الصديق المبدع الكبير  (جليل القيسي)، وعندما تغير رقم هاتفك في بعقوبة ، اتصل بي  جليل بكل رقته وتهذيبه الراقي ،  طلبتني السيدة عقيلته أولا  وتحدثنا عن صحة جليل وكان يعاني حينها من مشكلة في ساقيه ثم تحدث هو وأعطاني رقم هاتفك  الجديد بعد ان أخبرته بقلقنا عليك  في بغداد،  وعندما  كانت تتقطع سبل التواصل   ،كان أحدنا يتصل بجليل أو عقيلته العزيزة او تتصل أنت بي لأنك  عجزت عن الاتصال به ،  لنطمئن على أحوال بعضنا وكأننا عائلة واحدة  ترامت  فصولها وامتدت جذورها  بين بغداد وكركوك وبعقوبة ، وغالبا ما كان حديثنا انا وجليل  صباحات أيام الجمع – أنا وجليل أكثر -يخبرني بآخر إنجازاته وقصصه الرائعة  ويقول بتهذيب جميل  ولياقة عالية لا يجيدها الا كاتب متجذر بالحضارة  والقيم المعاصرة  معا : كتبت قصة وأهديتها لك ستظهر في مجلة الموقف الثقافي  وسيفرح محيي لأنه  يحب إبداعك ويجل شخصيتك ،يا للنزاهة ويا للرقي  الذي كثيرا ما نفتقده في أوساطنا المتشنجة ،كان جليل يقول: الأصدقاء يلتقون الان في شارع المتنبي أو مقهى الشابندر ونحن نتواصل ونناقش قضايا الثقافة وشجونها على الهاتف، ويطلق ضحكته الصافية ، كان صوته الشجي يرتعش وهو يتحدث عنك  يا أبا آزاد بحب عميق وإكبار وكنت أنت ومنجزك وجديدك مدار حديثنا في معظم حواراتنا ..  كنـا نتهاتف بين فترات متقاربة في الفترات الحرجة بعد السقوط  ، أنت في بعقوبة وأنا في وحشة بغداد  أوان بدء ظهور الميليشيات والعصابات الغريبة وصعود الإرهاب و  فورة صعود التشدد في بعقوبة وكنت تبوح لي  بثقة الصديق  وقوة المناضل وثبات إنسان المواقف الكبيرة ، انك في خطر ,وأنك والعائلة تتجنبون الخروج من البيت إلا للضرورة لأن  شوارع بعقوبة غدت مرتعا لمجاميع القتلة والمسلحين والغرباء من المتشددين، كنت اتصل بك  وأنت تعاني من تدهور بصرك  وتقول لي : كيف  أعيش ما تبقى من سنوات العمر دونما قراءة  وهي متعتي الوحيدة وعالمي  الرحب ؟؟  إنها يالطفية  ملاذ من هم في مثل  حالتي  وأنا سجين  أسوأ التوقعات  فقد يداهم المنزل مسلح من هؤلاء، لم  نعد في أمان  هنا ، لم نعد في بلاد آمنة.. انتقلت إلى السليمانية وغادرت انا الى  هجرة موجعة  لم اعد اسمع صوتك وصوت ابنتك العزيزة وهي ترد على الهاتف او أتلقى ايميلا باسمها او باسم آزاد منك ( لم تكن تميل إلى استخدام الكومبيوتر) ..  كان لقاؤنا في بعقوبة  أواسط  الستينيات في مناسبة عائلية وسط بساتين البرتقال على نهر ديالى، جلسنا على جرف ديالى نتأمل طوفانه المنضبط وننصت الى حفيف شجر الطرفاء على الضفاف الرملية الذي تمازجه نداءات طيور وحفيف اجنحة،  في ظهيرة شتاء  شباطي ، بعد  الغداء  والبساتين مزهوة  بذه

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram