TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: من حكومة القرية.. الى حكومة الهراوات

العمود الثامن: من حكومة القرية.. الى حكومة الهراوات

نشر في: 24 أغسطس, 2010: 05:50 م

علي حسينكنت، وما زلت، معجبا بكتاب طالب الحسن "حكومة القرية".لقد ألفت كتب عديدة عن طبيعة صدام وحكمه وممارساته وظلمه الذي انتهى بالعراق الى ما انتهى اليه من دمار وتخريب لم يشهده بلد في العالم من أقصاه الى أقصاه، وميزة كتاب «حكومة القرية» انه يدخل في تفاصيل الجرائم وجزئياتها في الحياة الشخصية لأركان النظام الذين ينتظمهم خيط واحد، هو القسوة،
 وفرحت وأعجبت بقرار كتلة دولة القانون حين رشحت طالب الحسن ليكون محافظا لذي قار، وقلت حينها لأحد الاصدقاء ها نحن نشهد عصر المسؤول المثقف بعد ان عانينا من عصور المسؤول الأمي الذي يختصر الولاء بقائده الملهم وليذهب الجميع الى الجحيم، الا ان تفاؤلي وفرحي لم يدم طويلاً فما توضح بالأفق من أداء المسؤول المثقف كان مخيبا لآمال اهل مدينته، فالرجل الذي قارع الظلم وكتب ينتقد قسوة النظام وبطشه دخل لعبة السياسة و لم يستطع ان يخرج منها بأداء وظيفي يضاف الى تاريخه السياسي، فانتشار العصابات المسلحة وظهور جماعات تقطع رؤوس الناس على الشبهة  وسوء الخدمات والبطالة والتضييق على حريات الناس، كانت السمة البارزة للمحافظة في الفترة الاخيرة.  وحين تخرج الناس متذمرة تتلقفها القوى الأمنية بالهراوات والاعتقالات، لتثبت للجميع ان الحكومة قويه ولن ترضخ لاحتجاجات  الغوغاء على حد تعبير احد أعضاء مجلس المحافظة. علينا ان ندرك ان  قوة الحكومة  في هدوئها.. فقد عانى الناس طويلاً من عهود سادت فيها قرارات الجور والظلم والتعسف، التي أوقعت العراقيين  في مصائب  كثيرة، وهزائم كبيرة مازلنا ندفع ثمنها حتى الآن. الهدوء معناه التأني وعدم التسرع والغضب، خصوصًا في الأحداث الساخنة التي لا يجد الناس فيها من منفذ سوى الصراخ. قوة الحكومة  في إعلاء مبدأ الحوار السلمي.. ورغم مظاهر الانفلات التي تصاحب بعض التظاهرات إلا أن البديل الآمن الذي يجب ان تتمسك به الحكومة هو الحرص على الحوار السلمي وتامين سلامة الناس. قوة الحكومة  في عدم التفرقة بين أبنائها.. فلو انحازت لطرف على حساب طرف، سوف تخسر الطرفين، فالعدل أساس الملك، وعدم التفرقة يخلق الارتياح العام. قوة الحكومة في تعاملها مع الجميع على مسافة واحدة،فالمسؤول والمواطن  جزء من النسيج الوطني، أصدقاء وليسوا أعداء والخلافات يجب ان يكون  مصيرها الزوال.لا نريد لحكومة القرية ان تحيا من جديد، ولانريد للغة الاعتقالات والهراوات ان تكون لغة التفاهم  بين الحكومة والمواطن، ونتمنى ان يعود المثقف والكاتب طالب الحسن للغة الحوار وان ينهي خدمته الوظيفية بكتاب حكومة الخدمات بدلاً من حكومة الهراوات.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram