حسين عبد الرازقكاتب مصريأعادت التصريحات التي أدلى بها اثنان من أعضاء مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين التي تناولت (الدولة الإسلامية) التي يدعو لها الإخوان ودور هيئة كبار العلماء وموقف الجماعة من تولي غير المسلمة والمرأة منصب رئاسة الجمهورية والواردة في البرنامج السياسي للجماعة.. أعادت طرح موقف الإخوان المسلمين في قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان وفي مقدمتها حقوق (المواطنة).
يقول د. محمد مرسي المتحدث الرسمي باسم الجماعة عضو مكتب الإرشاد في كلمته خلال حفل الإفطار الذي أقامه الإخوان بمقر كتلتهم البرلمانية يوم الأربعاء الماضي (إن دور هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدينية التي جاءت في برنامج الجماعة السياسي استشاري فقط.. والدولة الإسلامية هي دولة مدنية بمعني الكلمة، التشريع فيها للبرلمان والطعن عليه يكون أمام القضاء، وأن منهج أهل السنة لا يعرف دولة المشايخ أو ولاية الفقيه). ويضيف د. محمد مرسي أن (الدستور المصري يستند إلى الشريعة الإسلامية، وأن ما أجمع عليه العلماء أنه في الدولة التي يكون فيها عدد المسلمين أكثر من غير المسلمين لا يجوز أن يتولى غير المسلم الولاية، وهذا حكم قاطع الدلالة).وتنقل صحيفة الشروق التي نشرت هذه التصريحات عن (عبدالرحمن البر) عضو مكتب الإرشاد والملقب بمفتي الجماعة، حسب (الشروق) قوله (إن موقف الجماعة الخاص بمنع المرأة وغير المسلم (القبطي) من تولي منصب رئاسة الجمهورية هو رأي يخص إخوان مصر فقط وغير ملزم للإخوان في الدول الأخرى.. فلكل منهم ظروفه الخاصة)، وأضاف (لو وصل الإخوان للسلطة فسيسمحون بتولي المرأة أو القبطي منصب رئاسة الوزراء).وتكتسب هذه التصريحات أهمية مضاعفة في الوقت الحاضر، فهي تأتي مواكبة لمشاهدة مسلسل (الجماعة) لوحيد حامد، وما يثيره من نقاش وجدل حول حركة الإخوان المسلمين، وبعد فترة ساد فيها عدم وضوح موقف الإخوان من قضايا الدولة المدنية وتولي الأقباط والنساء موقع الولاية الكبرى، بعد أن أكد اثنان من أبرز قادتهم - قبل الانتخابات الداخلية الأخيرة للمرشد العام ومكتب الإرشاد - هما د. محمد حبيب ود. عبدالمنعم أبوالفتوح أن ما ورد في مشروع البرنامج السياسي حول هيئة كبار العلماء وتولي الأقباط والمرأة الولاية الكبرى قد تم حذفها.وأي قراءة محايدة لمواقف الجماعة التي أكدتها هذه التصريحات تقطع بأن الإخوان يتخذون موقفا معاديا للديمقراطية وحقوق الإنسان خاصة حق المواطنة، فما يدعون إليه تحت اسم (الدولة الإسلامية) لا يعدو كونه دعوة صريحة للدولة الدينية، فالدولة الدينية ليست فقط هي الدولة التي يتولى فيها رجال الدين (المشايخ أو القساوسة) السلطة السياسية، ولكن فرض مرجعية دينية على الدستور والدولة والمجتمع يحول الدولة إلى دولة دينية بامتياز، بل إن فرض أي مرجعية (دينية أو مدنية) سواء كانت الشريعة الإسلامية أو الرأسمالية أو الاشتراكية أو الشيوعية، هو تأسيس لدولة استبدادية غير ديمقراطية، فمن حق أي حزب أو جماعة أن تختار أي مرجعية تريد، ولكن ليس من حقها فرض مرجعيتها علي الدولة والمجتمع حتى لو حصلت في انتخابات عامة حرة ونزيهة على 100% من أصوات الناخبين، والقول إن الدولة الإسلامية (الإخوانية) ليست دولة دينية لأن دور هيئة كبار العلماء دور استشاري فقط يتضمن عملية خداع واضحة، فإذا اعترض هذا المجلس (الاستشاري) على مشروع قانون أو على قرار أو موقف باعتباره مخالفا لشرع الله، فمن يتمسك به يصبح في نظر الرأي العام خارجاً على الشرع ويمكن تكفيره، ولعلنا مازلنا نتذكر أن د. فرج فودة أصدر كتابا يحمل اجتهادا في بعض القضايا، ورفض البعض هذا الاجتهاد واعتبروا فرج فودة مرتدا (ولا يوجد شيء اسمه حد الردة في الإسلام)، فما كان من أحد العوام إلا أن قرر إقامة حد الردة علي د. فرج فودة واغتياله، الغريب أن الإخوان وهم يطالبون بعرض التشريعات على هيئة كبار العلماء قبل إصدارها لتبين مدى مطابقتها للشريعة الإسلامية، يسلمون بأن هناك أكثر من رأي واجتهاد وأن من حقهم اختيار أي من الآراء الفقهية، أي باختصار هناك أكثر من (شريعة إسلامية) فالفقه هو آراء واجتهادات بشرية وليس نصوصا دينية مقدسة!.ويبدو ذلك واضحا في دعوتهم لمنع المرأة والقبطي من تولى منصب رئيس الجمهورية، وقولهم إنه (رأي يخص إخوان مصر فقط وغير ملزم للإخوان في الدول الأخرى.. فلكل منهم ظروفه الخاصة)، ولا أعرف ما الظروف الخاصة في مصر التي تمنع القبطي والمرأة في مصر من تولي منصب رئاسة الجمهورية، بينما تبيحها في اندونيسيا (أكبر بلد مسلم من حيث العدد) وبنجلاديش وباكستان والجزائر على سبيل المثال لا الحصر، كذلك فاستنادهم إلى النص الوارد في الدستور المصري والذي يقول إن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع - وبصرف النظر عن مدى صواب هذا النص من عدمه - يتجاهل أن الدستور نص في مادته الأولى على أن مصر نظامها ديمقراطي (يقوم على أساس المواطنة)، وفي مادته (40) على أن (المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة).إن هذا الموقف المحدد من جماعة الإخوان يخرجها من نطاق الأحزاب والقوي السياسية الديمقراطية، ويعزلها عن العمل المشترك للقوى الداعية للتغيير والإصلاح السياسي والدستوري.
الإخــــــوان.. والــدولة المدنــيـــــة
نشر في: 24 أغسطس, 2010: 06:04 م