اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > هل نحن قطط؟

هل نحن قطط؟

نشر في: 24 أغسطس, 2010: 06:06 م

نجوى عبداللهكاتبة عراقية - اميركاحشرنا أنفسنا نحن اللاجئين والمسافرين معا في بطن طائرة أمريكية عملاقة، لتحلق بنا إلى قارة القوة العظمى تساءلت مع نفسي كيف يمكن لأمريكا أن تسيطر على العالم كله وتصنع طائرة مذهلة كهذه؟الركاب بانتظار موعد انطلاق الطائرة ومجيء المضيفة الحسناء التي توجهنا بابتسامتها الرقيقة إلى شد الأحزمة،
 لكننا لاحظنا أن القادم هو مضيف شاب ولا بأس بذلك، لابد من أن المضيفة الشابة ستأتي بزيها الأنيق لتحملني إلى ذكريات مدرسية حيث كانت معلمتي لدى توقيعها على الواجب المدرسي بعد اجتيازي له بتفوق، تسألني ماذا تحبين أن تكوني في المستقبل عندما تكبرين؟ أجيبها مضيفة طيران كي أسافر كثيرا !!فتضع إلى جانب التوقيع على الدرجة النهائية جملة (أحسنت يا مضيفة الطيران) ومازالت هذه العبارة مرسومة في ذاكرتي بخط معلمتي عدوية و باكزة.لكن أين المضيفة الشابة؟ تأخرت كثيرا، تبين لنا بعد لحظات أن السيدة الكبيرة  أو الجدة التي تتجول بين المقاعد بابتسامتها المرتجفة حول شفاهها المجعدة المرحبة بنا على متن الطائرة وطالبة منا شد الأحزمة، هي المضيفة..!!وتأتي أخرى وهي أيضا تجاوزت الخمسين يعني هناك اختلاف في اختيار المضيفات في أمريكا، لكن ألا يشعرون بالتعب من أمراض الكبر  من ارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب وغيرها، خاصة وأنهن محلقات في الجو على مدى إحدى عشرة ساعة.بعد هبوطنا بسلام وتوديع جدتنا المضيفة لنا تبين من خلال تنقلاتنا أن لا مانع  في أمريكا من توظيف كبار السن طالما يتمتعون بصحة جيدة وعقل سليم لغرض حثهم على المواصلة  والاستمرارية في الحياة، وأن حياتهم مستمرة ما داموا قادرين على الأخذ والعطاء. معلمتي الأمريكية (مايلندا) تبلغ من العمر (73)عاما مخلصة جدا في عملها و بإتقان شديد، تمارس حياتها اليومية بشكل طبيعي وتقود سيارة فارهة سوداء تشبه سيارة الرئيس، محبة متعاونة أنيقة وتهتم بصحتها جدا.في الصف لدي زميلة من كولومبيا اسمها نوبيا تبلغ من العمر 68 عاما وزوجها 75 عاما وهو يلهث إليها وقت الاستراحة ليطبع قبلة على شفاهها المحمرة ويحثها على المزيد من التعلم، نوبيا وزوجها يهتمان كثيرا بأناقتهما بل إن إحدى العراقيات علقت قائلة على حالة نوبيا: (لو كانت هذه المرأة في العراق لوضعت بوشية – غطاء الرأس الأسود - على رأسها وكانت تشكو من أمراض عدة في حين أنها بهذا العمر وتضع أحمر شفاه وتتعلم لغة).أجل نحن هكذا في قمة شبابنا ينادوننا عجائز، زارعين بذور الإحباط  والخيبات في أنفسنا، الفتاة التي تتجاوز 25 سنة ولم تتزوج هي في طريق الخطر حتى إن كانت موظفة، يبدأ العزوف عنها وأعني أنها ستبدأ بسماع كلمة (عانس)  وكذلك الحال للشاب الذي سرعان ما يتملكه اليأس عندما يجد نفسه يتقدم في السن ولا يملك شيئا، وفي حال بلوغ سن الأربعين لكلا الجنسين تتوقف عجلة الحياة نهائيا لندخل في مرحلة التكفير عن ذنوبنا ومعاصينا وكأن كل ما فعلناه هو خطايا وأبشع الجرائم. تختفي كل مواد التجميل النسائية والألوان،  أسرة الأزواج تتباعد رويدا رويدا وتختفي معها كلمة حبيبتي وحبيبي هذه إن وجدت أصلا وغيرها من المسميات الشخصية لتحل محلها أسماء شعبية (حجي وحجية وخالة  وعمة وعمو) وكأن  الكل في صلة قرابة شديدة لسبب بسيط هو (العيب) الذي مازال غائبا عن قواميس الأديان السماوية.كلما طاردتنا الأسئلة الخائبة، من دون أجوبة مقنعة، أسأل لماذا العرب مهتمون بسؤالهم عن الأعمار في الحب في الخطبة والزواج في العمل في التعارف وكأن عمر الكائن العربي محدد بمقاييس ثابتة وكأنهم نجوم السينما عمرها يعكس جمالها وأدوارها بعكس أمريكا التي تجعل السؤال عن العمر من العيوب الفظيعة إلا في حال تقديم المساعدة أو الأمور الصحية وينصب اهتمامها بعطاء وصحة الإنسان نفسيا وجسديا وفكريا ومن قلة الأدب سؤال المرأة عن عمرها، فهل نحن قطط؟   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram