كتابة: رينو جيرار بعد أن غادرت الكتيبة الرابعة من فرقة المشاة الثانية قاعدتها في (أبو غريب) الواقعة على مسافة 25 كم إلى الغرب من بغداد، وهي آخر كتيبة أميركية قتالية كانت مرابطة في العراق وسار طول الليل رتل مدرعاتها، تحت حراسة مقاتلات القوة الجوية الأميركية المستعدة للتدخل في حال وجود كمين، عبرت خط الحدود الكويتية، عند فجر الخميس 12 آب.
ولأن مستوى التمرد المعادي للأميركيين قد تضاءل إلى حد بعيد منذ الثلاث سنوات الأخيرة الماضية، فإن سفرة الكتيبة سترايكر قد جرت دون عائق، ولا حتى أدنى انفجار لقنبلة زرعت على الطريق. من بين آخر المغادرين، يوجد رام بالمدفع الرشاش عمره 26 سنة، اسمه كلنتون كليمنس، كان قد عاش على أرض العراق قصة حرب اسقاط صدام بأكملها. ففي آذار 2003، وهو جالس في برج مركبة مدرعة، كان قد شهد الانطلاق السهل صوب بغداد ابتداءً من جنوب الأراضي العراقية. كان ذلك هو العهد الذي كان فيه قادة البنتاغون من المحافظين الجدد ليس لديهم على أفواههم سوى كلمة"تحرير".في خريف 2004، جرى إرسال كليمنس إلى الرمادي حيث اقتنع، على العكس مما كان الرئيس بوش قد أعلنه في الأول من آيار 2003، أن الحرب أبعد من أن تكون قد انتهت. ففي جميع الأيام، كان هو وزملاؤه يتعرضون لهجمات تشنها جماعات من المقاتلين. مع تفكيره بزملائه الـ4400 الذين قتلوا في هذه الحرب، شعر كليمنس بارتياح غامر صباح الخميس، عندما تمكن أخيراً من أن يعيد ثانية إلى رشاشه الثقيل غطاءه للوقاية ضد الرمل. سعيد لكونه قد خرج حياً من هذه الحرب؛ ويتبادل هو وزملاؤه التهاني، ولكن أي واحد منهم لم تكن لديه فكرة أن يرسم باصبعيه الحرف V رمزاً للانتصار.ورغم أنهم جنود بسطاء جداً، فهم قد أدركوا أنهم لم يتركوا خلفهم الديمقراطية المثالية التي كان الرئيس بوش قد وعد بها. وبسبب ديمومة عدم الاتفاق السياسي، لم ينجح العراق حتى اليوم في أن يوجد لنفسه حكومة، بعد الانتخابات العامة التي جرت بداية آذار الماضي. عند تعليقه في بث تلفازي مباشر على هذه"اللحظة التاريخية"، حرص المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأميركية على التأكيد:"نحن لم ننه التزامنا في العراق. وسيكون لدينا عما قريب عمل هام يتوجب تنفيذه (...) إنه ليس نهاية شيء ما، بل التحول إلى شيء ما مختلف. نحن متكفلون بالعراق لأمد طويل." في الواقع، لم ترد إدارة أوباما أن تعطي بصفة خاصة انطباعاً عن الانسحاب من العراق بكونه شبيهاً بالانسحاب الأميركي عام 1975 من فيتنام:"من بعدي، ليكن الطوفان". فحوالي 50000 أميركي باقون في البلد، من أجل أن يواصلوا فيه تدريب الجيش الوطني. وبموجب اتفاقية جرى التفاوض بشأنها في الأشهر الأخيرة لإدارة بوش، فإن الانسحاب التام يتوجب أن يجري في موعد أقصاه 31 كانون الأول 2011. المشكلة هي أن رئيس أركان الجيش العراقي قد صرح، في 11 آب الحالي، أن انسحابا كهذا كان سابقاً لأوانه، وأن قطعاته قد لا تكون في مستوى القدرة على الضمان التام لأمن البلد قبل عام 2020. الجديد في الأمر أن هذا"التكفل بالعراق لأمد طويل". ينتقل من مسؤولية البنتاغون إلى مسؤولية الخارجية. فمن أجل محاولة مواصلة عملية تهدئة وضع البلد، سيمتلك الدبلوماسيون الأميركيون وسائل واسعة. فكل شيء لن يجري القيام به انطلاقاً من السفارة الضخمة في بغداد. إن أربعة مجمعات حصينة سيتم إنشاؤها على امتداد البلد في كل من البصرة، الموصل، كركوك وأربيل. وإن الـ2400 دبلوماسي ستتم حمايتهم من قبل جيش خاص يضم 7000 من المتعاقدين الذين لن يتمتعوا بأية حصانة قانونية، بسبب الذكرى السيئة التي تركها لدى الشعب العراقي"كاوبويات"بلاكووتر. ترجمة: سلام العبوديعن مجلة (لوفيغارو مغازين) الفرنسية
البيت الأبيض حذر من استخدام كلمة"عراق"
نشر في: 24 أغسطس, 2010: 06:33 م