محمد صادق جرادكاتب وباحثيتفق الجميع على أن علاقة العراق بمحيطه العربي أصابها بعض التوتر والفتور بعد سقوط النظام الشمولي في العراق في 2003 وخصوصا مع بعض الأنظمة التي كانت تساند وتؤيد النظام السابق في سياساته المتهورة ضد الشعب العراقي ،
و لم يصدر عن هذه الأنظمة أي موقف مساند أو مؤيد للحكومات العراقية الجديدة التي جاءت بعد سقوط الصنم، بل كانت تشكك فيها وتمتنع عن إقامة العلاقات وعن فتح سفارات لها في العراق. وذهب بعضها لاتهام هذه الحكومات العراقية الوطنية بولاءات خارجية ،الأمر الذي جعل السياسيين العراقيين يتحركون باتجاه إصلاح هذه العلاقات وإزالة الشكوك التي تساور تلك الأنظمة والدول .rnولقد كانت أهم خطوة عراقية في هذا الجانب هو العمل على ترسيخ هذه العلاقة دستوريا وتوثيقها في المادة (3) من الدستور العراقي لسنة 2005 والتي نصت على (إن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب وهو عضو مؤسس وفعال في جامعة الدول العربية وملتزم بميثاقها وهو جزء من العالم الإسلامي) وتبين هذه المادة من الدستور العراقي ماهية العلاقة التي تربط العراق بمحيطه العربي والإسلامي وحرص الحكومات الجديدة على السعي لإقامة العلاقات المتينة وتفعيلها اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا. ولقد شهدت المرحلة السابقة حراكاً سياسياً عراقياً وزيارات لدول عربية كثيرة قام بها وزراء وسياسيون الغرض منها طمأنة الشارع العربي على حرص العراق على بقائه في محيطه العربي .وسنشهد في آذار 2011 قمة عربية على ارض العراق، ونرى أن هذه القمة ستساهم في تنقية الأجواء بصورة كبيرة فحضور القادة العرب إلى بغداد بحد ذاته يعد اعترافا بدور العراق في الإطار العربي و تأييدا واعترافا بالتغيير الديمقراطي الحاصل في التجربة العراقية التي كان ينظر إليها الكثيرون بعين القلق والترقب .ولقد كان قرار اختيار بغداد مكانا للقمة قد جاء بعد النجاحات الكبيرة التي أحرزتها التجربة العراقية من خلال بناء المؤسسات الدستورية ونجاح الممارسات الديمقراطية العديدة التي أثرت التجربة الديمقراطية لأكثر من انتخابات نيابية واستفتاء على الدستور ونجاحه في إقامة علاقات متوازنة مع المحيط العربي والإقليمي والدولي عبر سياسة خارجية ناجحة. ويبدو أن الاستقرار الأمني المتحقق في العراق شجع جامعة الدول العربية لاختيار بغداد مقرا للقمة الـ 23 وان هذا التحسن الأمني والخروج من دائرة العنف الطائفي شجع الدول العربية وشركاتها الاستثمارية على القدوم الى العراق للاشتراك في حملة اعماره باعتبار ان العراق بحاجة إلى الكثير من المشاريع الاستثمارية التي تحاول الشركات العربية الحصول عليها من خلال تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية. ومن الجدير بالذكر أن العراق له دور بارز في تأسيس الجامعة العربية حيث اشترك في أول قمة تأسيسية في انشاص بمصر اقتصرت على الدول الـ7 المؤسسة للجامعة العربية وهي (مصر وسوريا والسعودية واليمن ولبنان والعراق والأردن). وبنظرة تاريخية للجامعة العربية واجتماعاتها نجد أن هذه الجامعة منذ تأسيسها في عام 1945 عقدت 33 اجتماعاً بضمنها 22 قمة عادية إضافة إلى 9 طارئة وقمة اقتصادية واحدة فقط . ومن بين هذه القمم عقدت قمتان في بغداد الأولى عام 1978 وكان الحدث الأهم فيها مقاطعة مصر عربيا نظرا لرفض الدول العربية وجامعتها اتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع إسرائيل وتم في هذه القمة إصدار قرار بنقل الجامعة العربية من مصر وتعليق عضويتها.والقمة الثانية التي عقدت في بغداد كانت عام 1990 واهم ما صدر في تلك القمة الترحيب بوحدة اليمن وإدانة التهجير اليهودي وعدم شرعية المستوطنات وإدانة القرار الذي اتخذه الكونغرس الأمريكي والداعي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل والمطالبة بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني . نأمل من القمة القادمة في بغداد أن تساعد على تجاوز الأزمات السياسية بين بغداد وبعض الدول العربية وان تنجح في إذابة الجليد المتراكم على طبيعة العلاقات العربية العربية.
القمم العربية من انشاص إلى بغداد
نشر في: 28 أغسطس, 2010: 05:31 م