مراجعة: باسم عبد الحميد حمّودي عن مركز دراسات فلسفة الدين صدر العدد الجديد من مجلة(قضايا أسلامية معاصرة ) ضمن مشروع رئيس تحريرها المفكر الإسلامي التنويري د. عبد الجبار الرفاعي الذي يقدم في العدد الجديد (43-44) من السنة الرابعة عشرة القسم الثاني من بحوث ملف
(رهانات الدين والحداثة) تتصدرها كلمة التحرير التي جاءت بقلم الأستاذ عبد الرزاق بلعقروز أستاذ الفلسفة في جامعة فرحات عباس بالجزائر بعنوان (عودة المكبوت الديني في الثقافات المعاصرة) الذي أوضح فيه عدة أشكال لهذه العودة تتجسد – حسب قوله – في:- عودة الفكر الديني كموضوع بحث فلسفي وتنشيط واضح لفلسفة القيم ونظريات الأخلاق التي تستمد مضمونها وأساسها من هذا الفكر.- التشكيلات المجتمعية الجديدة التي صارت تميل إلى التعبير عن نفسها برموزها الدينية والقومية وليس بانتماءاتها الجغرافية او الدولية.- الحيوية الجديدة للكنائس والطوائف بالتلازم مع نشاط المذاهب والممارسات الموازية، والباحث في عموم بحثه يناقش اراء نيتشه وفيرباخ ، وهو يعرض نقد نيتشه لليهودية والمسيحية واحترامه للثقافة الإسلامية ودورها الحضاري.يتوسع الباحث في أطروحاته ونقاشاته مع عدد من الفلاسفة ويجد في مبررات عودة الدين في الثقافات المعاصرة :- التهديد الذي تمثله أخطار غامضة مثل الخوف من قيام حرب ذرية والقلق من التغيرات الآيكولوجية والتلاعب بالهندسة الوراثية.- فقدان معنى الوجود أو الإحساس بالملل العميق للإقبال الجنوني على الاستهلاك. - تفكك الأنساق الكبرى التي رافقت علم التقنية والتنظيم الاجتماعي الحديث. وهو يدعو إلى إنشاء فلسفتنا الدينية المخصوصة وتحصيل القدرة على فك مفاصل البناء النظري المنقول وإعادة تركيبه. وتحاور المجلة المفكر مصطفى ملكيان حول (الدين والحداثة) ،ويرى ملكيان ان من يتحدث عن هذه العلاقة إنما يتحدث عن العلاقة بين التدين والحداثة ويطرح سؤالا جوهريا عن توافق او تعارض التدين والحداثة ويرى ان ذلك يشكل خلطة بين مفهومين وان بنية التنويرية الدينية متناقضة وهو يعتقد في النهاية إن شرف الإنسان هو في طلب الحقيقة. و يقوم. فضل الرحمن في التطورات الحديثة في العقل والسياسة والمجتمع بمناقشة مجموعة من الباحثين التقليديين والتنويريين مثل محمد عبدة ومحمد اقبال مؤكدا –في النهاية – وجود حاجة جدية لنزعة إنسانية بناءة وجريئة تعيد التأكيد على المثل الاجتماعية الإسلامية ، مع اشارات الى الاديان الاخرى. ويمكن القول أن هوامش البحث قد عززت بثرائها المعلوماتي والفكري من قيمة البحث وجدواه . جاءت الدراسة التالية للفرنسي المستنير أوليفييه روا بترجمة فاطمة بكوش بعنوان (حين يلتقي الديني بالثقافة ) ويقول فيها 🙁 ان الدين الذي يرى نفسه دينا حقيقيا هو الذي يعرض بشكل واضح في لحظة ما ، الثقافة على أنها شيء مغاير حتى وأن حاول أن يمتلك هذه الثقافة) وهويرى أن العلاقة بين المسيحية والثقافة هي علاقة توتر ويضرب امثلة متعددة على هذه الفكرة ، يتسع بحث (روا) للمزيد من التفصيلات التي تدرس الديني ثقافيا وبعكسه فهو يقول (ص 142) بالدين(هنا) صانعا للثقافة اذ هو يضع وينظم اللغة ويطور الكتابة ويلهم بفن ديني يتعلمن بالضرورة و وهو يناقش الانتقالات بين دين وآخر ويصفها بالتخلي عن فكر ودين لصالح فكر ودين آخر ، ونعتقد هنا أن هذا الانتقال تحكمه عوامل متعددة ومتضاربة احيانا ، فهناك الوعي بحيوية الدين الجديد المختار وهناك (دين) المصلحة وهناك دين الترهيب. الأستاذ أحمد زيغمي (جامعة الجزائر) كتب بحثا بعنوان : (ما يمكن تسميته حداثة دينية في نسق كانط الفلسفي) اعتبر فيه كانت (ط) احد المؤسسين الأساسيين للبروتستانتية الجديدة الى جانب شلاير ماخر وهيغل وهو يشبه الدين بالبيت الذي ينبغي لا عدم الرضا عنه بل إعادة تنظيمه وهو يناقش من وضعوا أنفسهم أوصياء دينيا الذين يرون في الحداثة عدوا مباشرا لهم ، ويضع الباحث خلاصة وافية لبحثه تقول بحداثة كانت ولكن ضمن شروط وعيه الخاص للدين والحداثة .وتستمر مجلة (قضايا أسلامية معاصرة) في تقديم البحوث الجادة في مسعاها للبحث في رهانات الدين والحداثة فتقدم دراسة للدكتور إبراهيم الحيدري عن (مدرسة فرانكفورت بين الحداثة وما بعد الحداثة) حيث قدم الباحث اطلالة تاريخية موسعة عن مفهوم الحداثة لدى الفرانكفورتيين ومعهد البحث الاجتماعي الذي أسسه هوركهايمر عام 1930 مع دراسة سريعة لجهد المعهد ومجلته وإيمان مدرسة فرانكفورت بالجدلية النقدية وعملها المستمر في التقصي النقدي والفلسفي والتصحيح ، في وقت يشير فيه الباحث الى جهد هذه المدرسة النقدية واستمرار حضورها الفكري رغم ان معظم روادها فارقوا الحياة ولم يبق منهم سوى يورغن هابرماس.
دوريات ..رهانات الدين والحداثة فـي قضايا أسلامية معاصرة
نشر في: 28 أغسطس, 2010: 06:45 م