متابعة/ المدىانشغل الرأي العام في اوربا وامريكا بما أسماه الاصرار الذي ابداه الرئيس باراك اوباما على الانسحاب من العراق. كل الشكوك التي ابداها عراقيون بقدرة قوات بلادهم على شغل الفراغ بعد اليوم لم تؤثر في تصميم الرئيس الامريكي على سحب جميع جنوده من ذلك البلد.
اوباما اكد التزامه بالاتفاقية الامنية التي توصل اليها سلفه جورج بوش الابن مع الحكومة العراقية، وهو الاتفاق الذي ينص على خروج كافة الجنود الامريكيين من العراق قبل نهاية 2011.وكان الرئيس الامريكي قال في الثاني من الشهر الجاري إن الولايات المتحدة ستحتفظ بقوة مؤقتة في العراق حتى يحين موعد الانسحاب الكامل نهاية السنة المقبلة. كما كرر الرئيس اوباما الوعد الذي قطعه على نفسه اثناء حملته الانتخابية"بانهاء المهمة القتالية للقوات الامريكية في العراق قبل الحادي والثلاثين من آب 2010."ويقول المحلل السياسي البريطاني بول ريندولز في مقال تحليلي نشر على موقع هيئة الاذاعة البريطانية انه من غير المحتمل ان يغير اوباما سياسته الحالية، فهي تحظى بتأييد داخل الولايات المتحدة ولاسيما من جانب المحاربين القدامى الذين ادلى امامهم بهذه الملاحظات. كما ان السياسة اعتمدت بعد مداولات مع القادة العسكريين الامريكيين العاملين في العراق.ومع ذلك، فإن التصريحات التي ادلى بها مؤخرا الفريق بابكر زيباري رئيس اركان الجيش العراقي تعتبر مصدر احراج للادارة الامريكية لانها تثير شكوكا جدية حول عملية اقل ما يقال عنها انها غير معروفة النتائج.وكان زيباري قال في وقت سابق"تسير عملية الانسحاب بشكل سلس لحد الآن لأن القوات الامريكية ما زالت هنا. المشاكل ستبدأ بعد 2011، وعلى السياسيين ايجاد سبل اخرى لملء الفارغ الحاصل حينئذ. اذا سئلت عن الانسحاب، سأجيب السياسيين بأن على الجيش الامريكي البقاء في العراق لحين بلوغ القوات العراقية مرحلة الجهوزية عام 2020." اوباما غير معني بالتعديلات. وتفتقر خطة الانسحاب الامريكية الى اية شروط او معايير محددة عكس عملية ضخ القوات التي نفذتها ادارة بوش عام 2007. فعملية الانسحاب غير خاضعة الى اية معايير، بل تخضع للمتطلبات السياسية الامريكية الداخلية ولتقييمات الخبراء لامكانية نجاحها.وفي حقيقة الامر، فإن التطور الوحيد الذي قد يعرقل الانسحاب الامريكي هو اندلاع اعمال عنف جديدة في العراق. اما الهجمات والتفجيرات مهما تصاعدت فلن توقف تنفيذ عملية الانسحاب في موعدها.الا انه ما من شك في ان العديد من المراقبين الامريكيين يشعرون بقلق حقيقي ازاء احتمال تدهور الاوضاع في العراق بعد الانسحاب الامريكي، خصوصا في ضوء فشل الزعماء السياسيين العراقيين في تشكيل حكومة جديدة عقب الانتخابات التي جرت في آذار الماضي.كين بولاك، وهو محلل سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (CIA) ومسؤول سابق في ادارة الرئيس كلينتون (ومن مؤيدي حرب عام 2003) قال في محاضرة القاها في معهد بروكينجز بواشنطن في الشهر الماضي"إن علامة الاستفهام الكبيرة تتعلق بالعملية السياسية في العراق، فانا اشعر بالقلق بأن العملية السياسية في العراق لن تبلغ درجة من النضج في 2011 بحيث تتحمل غيابا امريكيا كاملا." ومضى بولاك للقول:"المسلحون الآن منهكون. نعم يستطيعون قتل شخص هنا وآخر هناك، ولكنهم لا يتمكنون من حشد القوة الكافية لتهديد طائفة باكملها. اعتقد ان بامكان الجيش العراقي ابقاء نشاط المسلحين على هذا المستوى اذا تمكن السياسيون من تحقيق تقدم. هذا هو المهم". وثمة آمال بحلحلة الوضع السياسي قريبا، فقد قال السفير الامريكي المنصرف كريستوفر هيل يوم الاربعاء الماضي:"الامور قد تكون تسير في الاتجاه الصحيح."وسيقى في العراق خمسون الف جندي امريكي في الفترة المحصورة بين آب 2010 وكانون الاول 2011، وسيواصل هؤلاء القيام بمهمات قتالية كما اوضح الرئيس اوباما نفسه في خطابه الاخير.
متطلبات السياسة الأميركية تخيم على عملية الانسحاب
نشر في: 30 أغسطس, 2010: 07:56 م