وديع غزوانلم يبق ما نقوله. ولم يبق في القوس منزع كما يقول المثل، ولا نملك الا ان نقر لعدد غير قليل من سياسيينا بقدرتهم الفائقة على المراوغة والتنصل من مسؤوليتهم في التسبب بتأخير تشكيل الحكومة، وتكرار الخرق المتعمد للدستور وتعطيل انعقاد جلسات مجلس النواب، الذين كانوا قد وعدونا بجعله خلية نشطة لسن وتشريع القوانين، وبأن يأخذ دوره الرقابي في وضع حد لآفة الفساد التي نخرت في بنيان العراق.
وعود وخطب وعهود ومواثيق، سرعان ما تناسوها في حومة الصراع على المناصب، والمؤلم أكثر أنهم تغافلوا وأداروا ظهورهم لما هو أعز وأسمى وهو مصلحة العراق، وتعاملوا بعد الانتخابات مع بعضهم البعض بصورة اقل ما يقال عنها، صورة اللا مبالي او المكترث بما يجري في البلد من مآس وما يعانيه شعبه من هموم . كان يكفيهم الصدق و اعتماد الصراحة مع الشعب، بدلاً من التصريحات والمواقف المتباينة بل والمتناقضة في احيان كثيرة، فما أن تصرح كتلة ما بأنها اقرب ما تكون الى الكتلة الفلانية ، حتى ينبري آخر ومن نفس الكيان ليناقض ما قاله صاحبه ، ووصل الأمر من الازدراء ان نفس الشخص يناقض مواقفه المعلنة وليست المخفية ، ولا ندري كيف يمكن ان نثق بأشخاص يكذب بعضهم بعضاً ، او يكذب نفسه.. مشهد وضعوا انفسهم فيه بموقف لايحسدون عليه ، من حيث يشعرون أو لا ،حيث أنهم ، و نقولها بكل مرارة، صاروا موضع تندر الشارع الذي نفض يده من أساليبهم الغامضة، حتى ان بعضهم اخذ يصرح: ليحكمنا من يشاء ولكن ليضع حداً لحالة الفوضى .قد يكون في كلامنا شيء من القسوة،غير ان خطورة المرحلة تستدعي مواقف وممارسات شجاعة وجريئة تضع النقاط على الحروف ، بعيداً عن أسلوب المجاملات العقيم ،الذي لا مكان له في عالم السياسة ،الا عند سياسيينا الذين، كما يبدو،لم يفرقوا في حواراتهم بين العلاقات الشخصية والمصالح الحزبية الضيقة والمحسوبيات والمنسوبيات ، وبين نقاش موضوعي يضع النقاط على الحروف للكثير من الاشكاليات التي رافقت العملية السياسية وعطلت اندفاعاتها إلى أمام ،ومنها على سبيل المثال وليس الحصر ،الاختلاف في تفسير بعض مواد الدستور ، وحدود صلاحيات الرئاسات الثلاث، والاتفاق على آلية تضمن عدم عودة الدكتاتورية بأي شكل ، وأخيراً وليس آخراً قانونية وعدالة هيئة المساءلة والعدالة أو ما كانت تسمى هيئة اجتثاث البعث ، ومدى تطابق قراراتها مع الدستور او القوانين وغيرها .ومن باب الانصاف القول ان الائتلاف الكردستاني الوحيد الذي قدم ورقة عمل واعلنها على المواطنين بشفافية واعلن انها قابلة للنقاش الا في بعض الفقرات وتأكيده عدم التحاور مع اي طرف الا بعد اجابته على الورقة المقدمة. وبغض النظر عن الموقف من هذه المطالب ، فإن ما كنا ننتظره ،من كتلنا السياسية مبادرة تضع حداً لهذه الحالة ،مبادرة يتفق فيها الفرقاء كمرحلة اولى على برامج العمل ومعالم آليات التطبيق، ليصار بعدها الاتفاق على من يرونه الاصلح لتنفيذ ذلك.لا نظن ان زيارة بايدن قادرة على حل هذه الاشكالية ، ما دامت الكتل بهذه الصورة التي تبدو عليها من التناقض ، كما لا نتمنى أو نرغب بحلول تأتي من الخارج لذا لا نملك إلا أن نذكر نخبنا بأن الشعب اكبر من كل مناصبهم ،والعراق أسمى من أن يتركوه في مهب الريح كل هذه الفترة ونصرخ بأعلى أصواتنا: ماذا بعد ؟!
كردستانيات: ماذا بعد؟!
نشر في: 31 أغسطس, 2010: 06:26 م