اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > هلا رمضان > ايام من رمضان: إشراقات إنسانية

ايام من رمضان: إشراقات إنسانية

نشر في: 4 سبتمبر, 2010: 07:49 م

كاظم الجماسيلرمضان، عدا سماته واجواءه الدينية، سمات اجتماعية عدة، سيما عندنا نحن العراقيين، ولعل واحدة من ابرز تلك السمات، توثيق العرى الانسانية بين الناس، بغض النظر عن حجم ومدى صلات القربى بين الناس. ففي هذا الشهر حصرا تبلغ درجات التوادد بينهم اقصاها، اذ يتجاوز بدءا المتخاصمون اسباب خصوماتهم، ويجتمع الاخوة والاخوات على مائدة واحدة،
 من بعد طول افتراق بسبب مشاغل الحياة اليومية، وغالبا ما يجتمعون في بيت العائلة الاول، بيت الاهل، او الاخ الاكبر، ومن ثم تترادف الدعوات، كل فطور في بيت احدهم، وتلعب صينيات الطعام دورا مميزا في تعميق اواصر الجيرة، حين تتنقل مابين البيوت، حاملة ماتجود به امكانات الناس، لتعبر عن المودة والمحبة التي يكنها الجار لجاره، كما تتكرس تلك المودة والمحبة بين سكنة المناطق المتباعدة، عبر وقائع لعبة المحيبس التي تجمع شباب الفرق المتنافسة التي تفيض بالحماسة واسباب التسلية المتنوعة فيها، من تلذذ في تناول الزلابيا والبقلاوة العراقيتين على ايقاعات المربعات ومختلف انواع الاهازيج العراقية المتنوعة، والسهر حتى ساعات متأخرة من الليل الرمضاني الجميل.وليس هذا فقط، بل هناك الوقت المخصص للحكايات الشعبية التي مثلت لنا وتمثل نوافذ مشرعة للحلم، ولا اظن ان احدا منا نسي كم حلقنا مع اخيلة الاميرة(حب الرمان) وحبيبها(حسن) ابن الحطاب الفقير ولكن الذكي والشجاع والصبور على الملمات، واية رحلة مكلفة تجشم عناء السفر فيها عبر السبع بحور والسبع جبال والسبع غابات، ويجتاز المخاطر كلها بتغلبه في الصراع على الحيتان العظيمة، والافاعي الجبارة والديناصورات العملاقة، ليجلب خاتم سليمان، الذي يشفي عيون السلطان الظالم، والد الاميرة(حب الرمان)، وهو مهرها في الوقت نفسه..وكثير من الحكايات التي كان يتنافس في التفنن في سردها المرحوم والدي واختي الكبرى، حيث تتضافر الكلمة وايماءات اليد وتعابير الوجه الناطقة مع الكلمات المرسلة صعودا وهبوطا، انسيابا وقطعا، مرة بغضب يجعلك غاضبا، ومرة بحزن متهدج لتخنقك العبرات على مصائر اولئك الابطال الميامين متضامنا معهم في سرائهم وضرائهم على نحو سواء..وليس هذا فقط، فأن للتوادد والتراحم في ايام رمضان وجوها اخرى، لعل الوجه العظيم والارفع سموا يتمثل في مد يد العون للمحتاج، وتطييب خاطره، بسد حاجته، سيما اذا حدث ذلك بالكتمان، وليس مثلما تفعل بعض البرامج الفضائية في اللعب على مشاعر المحتاجين على شاشاتها، والايغال في اذلالهم، ان عدم الاعلان عن مد يد العون للفقراء والمحتاجين، بأي قدر كان يعد احتراما لانسانية الانسان قبل كل شيء،فضلا عن كونه تكريساً لمبداء التكافل الاجتماعي، واخلاصا وتجردا في فعل الخير، ولذلك وقع كبير في النفس فمن منا لم يقع ذات ليلة تحت طائلة الحاجة، ومن منا لم يشعر بالامتهان امام ضغط احوال الحياة المتبدلة على الدوام؟وما دمنا في خضم رمضان وايامه الاخيرة، والجميع يعرف حق المعرفة ان مئات الالوف من ابناء شعبنا المكابر، اطفالا ونساء وشيوخا ومرضى، من اولئك الذين يقاسون اصعب الظروف واحلكها، ولاسباب شتى، يعانون عوزاً ويتماً وترملاً وشيخوخة ومرضاً وعوقاً وبطالة، والقائمة تطول ولاتقصر، اقول: ما دمنا في رمضان، فأن الواجب الانساني والوطني يوجب علينا مد يد العون قدر استطاعتنا،لأقرب من نعرفه، ليس لكسب اي جزاء اخروي او دنيوي، بل لتوكيد كينونتا كبشر، وتعضيدا للتكافل الاجتماعي المطلوب بيننا، وطالما(كل الطرق تؤدي الى روما) اقول: فلنفعل ذلك، مادامت حكومتنا الرشيدة تعجز عن ذلك، مع الاسف الشديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

عيدالفطر المبارك في ربوع وادي الرافدين..بانوراما حافلة نسيجها الحب والتواصل والأفراح

احمد كاظممناسبة العيد في ضمائر العراقيين لحظة تاريخية فارقة، فبعد عناء شهر كامل من الصوم يأتي عيد الفطر كمكافأة عظيمة للصائمين، ولا يذكر العيد، الا وذكرت (العيدية) والحدائق ومدن الألعاب والدواليب والملابس الجديدة التي...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram