TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (مجّالبه امن الباب للمحراب)

هواء فـي شبك: (مجّالبه امن الباب للمحراب)

نشر في: 4 سبتمبر, 2010: 08:09 م

 عبدالله السكوتيباتت ظاهرة التقليد في الآونة الاخيرة سمة لاعمال الكثير من السياسيين، والمثقفين والادباء، وليس كما قال الجاحظ من قبل، ان المعاني مطروحة في الطريق يتفحصها القاصي والداني، ووضع الجاحظ النبوءة والابداع في الالفاظ، فللاسف الان التقليد في كل شيء، وما ان يرى احد ما، احدا ما يفعل فعلا معينا حتى يهرع الى فعل مشابه، وهذا المبدأ بات شائعا على قاعدة (كل واحد يحود النار الكرصته)،
 لكن مايسقط هذه القاعدة ويمحوها في عالم السياسة، هو ان هناك سمات تميّز بعض الاشخاص عن بعض، ولايمكن ان يتوفر للعراقيين ان بامكانهم جميعا ان يصبحوا رؤساء للجمهورية مثلا، او يرشحوا انفسهم لذلك، وكذلك ليس بامكان الكل ان يرشحوا لرئاسة الوزراء، او يكونوا، وليس بمقدورهم ايضا ان يصبحوا وزراء، ولو كان الامر بهذه السهولة لم يتعب احد ولاتخلّف احد، او تقدم آخر ولاصبح الامر متشابها في جميع دول العالم، على اعتبار وضع الرجل المناسب في المكان المناسب. ما يجري الان هو ان كل واحد منا ماسك بلحية الاخر، لينال البركة حتى وصلنا الى طرق مسدودة بعض الشيء، ومع السعي الحثيث للسياسيين، ما يزال الامر شائكا، حتى على مستوى الكتلة الواحدة، وهنا تحضرني حكاية الرجل الريفي الذي جاء الى المدينة، حيث يحكى ان ريفيا قدم الى بغداد، ودخل مسجدا واجهه في الطريق، وكان الرجل لايحسن الصلاة، ولم ير اماما يؤم الناس من قبل، ولذا وقف مباشرة خلف الامام، وحين ابتدأ الامام صلاته والرجل خلفه اعجبه منظر لحيته المنسقة تنسيقا دقيقا، فاراد شيئا من البركة، فمسك الامام من لحيته، فما كان من المصلين خلفه الا ان امسك كل واحد بلحية الرجل قبله، معتبرا الامر سنة يجب السير عليها، عندها صاح به الامام: (يمعود فك لحيتي)، فأجابه الرجل: (شفك لحيتك، باوع وراك تراهي مجّالبه امن الباب للمحراب). من المؤكد ان اي قرار في الوقت الحالي لايعني شيئا نتيجة للاشتباك الحاصل، وتغيير القناعات بين لحظة واخرى، وكذلك الانتقال السريع من جهة الولاءات، لمصلحة ذاتية ضيقة، ومن المؤكد ايضا ان هذه التجاذبات والقناعات المهزوزة بشأن تشكيل الحكومة لاتخدم احدا من السياسيين، ولكن يبقى الشعب هو من يدفع الثمن، لانه وكما رأينا ان الامام لم يتأثر بمفرده، وانما امتد الامر الى آخر مصل في المسجد، ونحن جلّ خوفنا ان تقع الضربة بالغافل، ليبقى من (فوق فوق) ولايمسه شيء، ومن جهة اخرى فان الشعب وقع بين امرين وهو يتأرجح بينهما، ليس بارادته وانما بحسب ارادة الاخرين، وهو في هذا تملؤه الخشية والترقب، وخير ما يمثل حاله قول شاعر الابوذية:(وحك الكاف ها يا عين صدّين اعيونك سودنني ابيوم صدّين صرت شيشة يصاحب بين صدّين على ساعة انكسر واتحير بيّه)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram